الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص444
وأما الزرع في الأرض فهو زيادة متميزة ، واختلف أصحابنا هل يكون نقصاً في الأرض أم لا ؟ على وجهين :
أحدها : أنه يكون نقصاً فيها كالغرس ، ومخالف لأطلاع النخل ، لأن أطلاع النخل من ذاته ، ولا يمكن أن ينتفع بالنخل قبل وقت أطلاعه . وزرع الأرض من فعل الآدميين وقد كان يمكن أن ينتفع بها في غير الزرع وفي غير ذلك النوع من الزرع فافترقا .
والوجه الثاني : وهو قول المزني أنه ليس بنقص في الأرض ، لأن وقت الزرع إذا انقضى فليس يمكن أن يستأنف زرعها ، والأغلب من أرض الزرع أن لا منفعة فيها إلا بزرعها فصارت بأطلاع النخل أشبه .
فإذا تقرر هذان الوجهان :
– فإن جعلنا الزرع زيادة ، ولم نجعله نقصاً فحكم الأرض إذا زرعت مثل حكم النخل إذا أطلعت ، وقلنا : إن الثمرة زيادة متميزة ، لأن الزرع زيادة متميزة فيكون على ما مضى من الأقسام والأحكام .
– وإن جعلنا الزرع زيادة ونقصاً كان في حكم الغرس لا يجبر واحد منهما على الأرض ، وأيهما دعا إلى القيمة أجيب .
فإن بادرت الزوجة إلى قلع الزرع ففي إجبار الزوج على قبول الأرض إذا لم يضر بها قلع الزرع وجهان كما لو بادرت إلى قطع الثمرة عن النخل ، ولكن لو طلقها بعد حصاد الزرع أجبر على القبول ، وأجبرت على الدفع وأيهما دعا إلى نصف الأرض أجيب لتعين الحق فيها وقت الطلاق ، وهكذا لو كان الزرع وقت الطلاق وقد استحصد ولم يحصد فليس له إلا نصف الأرض ما لم تنقص الأرض بالزرع ، وتجبر الزوجة على الحصاد ، وهكذا الثمرة إذا استجدت على رؤوس نخلها أخذت الزوجة بجذاذها ورجع الزوج بنصفها . والله أعلم .
قال الماوردي : وصورتها في رجل أصدق امرأته جارية أو ماشية فزادت في يده بحمل أو ولد ، ثم طلق قبل الدخول ، فقد دخل حكمه في أقسام ما قدمناه ، ونحن نشير إليه ونذكر ما تعلق به من زيادة ، ونقتصر على ذكر الجارية فإن فيها بيان الماشية .
وأحوال الجارية ينقسم ثلاثة أقسام :
أحدها : أن تكون وقت الصداق حابلاً فتحمل في يده بمملوك وتلد ثم تطلق .