الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص417
وإن كان الطلاق قبل الدخول رجعت عليه بنصف مهر المثل ورجع بأجرة مثل المجيء بالآبق .
وإن لم يكن قد جاءها بالعبد الآبق حتى طلقها ، لم يخل أن يكون طلاقه بعد الدخول فترجع عليه بمهر المثل ، ولا يؤخذ بالمجيء بالعبد ، لفساد الصداق فيه ، أو يكون طلاقه قبل الدخول ، فترجع عليه بنصف مهر المثل .
قال المزني ههنا : أو بنصف أجرة المجيء بالآبق . ومن هذا التخريج قيل بتجويزه هذا الصداق وهو خطأ لما ذكرناه والله أعلم .
قال الماوردي : وصورتها في رجل تزوج امرأة وأصدقها خياطة ثوب بعينه ، فهذا يجوز إذا وصفت الخياطة كما يجوز أن يعقد عليه إجارة فإن تجدد ما يمنع عن خياطته فعلى ضربين :
أحدهما : أن يكون بتلف الثوب .
والثاني : أن يكون بعطلة الزوج بزمانه أو عمى .
فإن تلف الثوب ففي بطلان الصداق وجهان :
أحدهما : وهو الذي نص عليه المزني ههنا : أن الصداق باطل ؛ لأنه معين في تالف فصار كما لو أصدقها حصاد زرع فهلك .
والوجه الثاني : أن الصداق جائز ؛ لأن الثوب مستوفى به الصداق وليس هو الصداق فصار كمن استأجر داراً ليسكنها أو دابة ليركبها فهلك قبل السكنى والركوب ، لم تبطل الإجارة ؛ لهلاك من تستوفى به المنفعة ، كذلك تلف الثوب قبل الخياطة .
وهذان الوجهان مخرجان من اختلاف قوليه فيمن خالع زوجته على رضاع ولده فمات ، هل يبطل بموته أم لا ؟ على قولين لأن الولد يستوفى به الرضاع المستحق .
وإن تعطل الزوج عن الخياطة بعمى أو بزمانة مع بقاء الثوب فإن كان الصداق في ذمته لزمه أن يستأجر من يقوم بخياطته ولا يبطل الصداق بزمانته .
وإن كان الصداق معقوداً عليه في عينه بطل بزمانته وعطلته ؛ لأن الصداق مستوفى منه ، فبطل بتلفه كموت العبد المستأجر ، وانهدام الدار المكراة . فصار استيفاء الصداق متعلقاً بثلاثة أشخاص : مستوفى له ، ومستوفي به ، ومستوفى منه .
فالمستوفى له : هي الزوجة ، وموتها لا يؤثر في فساده .