الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص414
عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ شيبتني هودٌ وأخواتها ‘ فعلى هذا لا يلزمه إذا استحقت النصف أن يعلمها شيئاً منه ؛ لتعذر تماثله ، وترجع عليه بنصف أجرة التعليم على قوله في القديم ، وبمثل نصف مهل المثل على قوله في الجديد .
والقسم الثالث : أن يطلقها بعد أن علمها بعض القرآن وبقي بعضه ، فلا يخلو حال طلاقه من أحد أمرين : إما أن يكون قبل الدخول ، أو بعده .
فإن كان بعد الدخول : فقد استقر لها جميعه .
فإن قلنا يعلمها بعد الطلاق فعليه تعليمها ما بقي من القرآن حتى تستوفي به جميع الصداق .
وإن قلنا : لا يجوز أن يعلمها بعد الطلاق ترتب ذلك على اختلاف أصحابنا في تجزئة القرآن .
فإن قلنا : إنه متساوي الأجزاء سقط عنه من الصداق بقدر ما علم ، كأنه علمها النصف فيسقط عنه نصف المهر وترجع ببدل نصفه الباقي على القولين :
أحدهما وهو القديم : بنصف أجرة التعليم .
والثاني وهو الجديد : بنصف مهر المثل .
وإن قلنا إنه غير متساوي الأجزاء .
ترتب ذلك على اختلاف قوليه فيما ترجع به عليه من بقية صداقها ، فإن قيل بالقديم : أنها ترجع عليه بالباقي من أجرة مثل التعليم سقط ههنا عنه من الصداق بقدر أجرة ما علم ، وبنى لها عليه بقدر أجرة مثل ما بقي على ما سنذكره من تقسيط ذلك على الأجرة لا على الأجزاء .
وإن قيل بالجديد : إنها ترجع عليه بالباقي من مهر مثلها سقط عنه من النصف نصفه وهو الربع ؛ لأن أجزاء النصف الذي علمها قد لا تماثل أجزاء النصف الباقي لها ، فلذلك سقط عنه نصف ما علمها وهو الربع ، لأنه مماثل لحقها ، ورجع عليها بأجرة نصف ما علمها وهو الربع ورجعت هي عليه بالباقي لها وهو ثلاثة أرباع مهر المثل .
وإن كان الطلاق قبل الدخول فلها نصف الصداق ولا يخلو ما علمها من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يكون قد علمها منه النصف .
والثاني : أكثر من النصف .
والثالث : أقل من النصف .