الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص409
والوجه الثاني : لا يجوز ، ويكون الصداق باطلاً لأنه منفعة من معين ليست في ملكه فلم يجز أن يكون صداقاً ، كما لو أصدقها خدمة عبد لا يملكه كان باطلاً وإن جاز أن يملك العبد أو يستأجره .
وخالف أن يصدقها ألف درهم لا يملكها ، لأن الألف غير معينة والمنفعة ههنا معينة ، ألا تره لو باع سلماً ثوباً موصوفاً في ذمته وهو لا يملكه جاز ، ولو باع ثوباً معيباً لا يملكه لم يجز .
فإذا تقرر ما ذكرنا من الوجهين .
فإن قيل بالوجه الأول أن الصداق جائز كانت بالخيار بين أن تصبر عليه حتى يتعلم القرآن فيعلمها ، وبين أن تتعجل الفسخ وترجع عليه بأجرة مثل التعليم في أحد القولين ، وبمهر المثل في القول الثاني ، فلو قال لها : أنا أستأجر لك من يعلمك لم يلزمها ذلك ؛ لأن المنفعة مستحقة منه في عينه كما لو آجره عبداً فزمن بطلت الإجارة ، ولم يكن له أن يقيم عبداً غيره ، وخالف أن تريد إبدال نفسها بغيرها ، فيكون لها ذلك في أحد الوجهين .
والفرق بينهما : أنه لا حق له ، فجاز أن تكون مخيرة في استيفائه وهو مستحق على الزوج فلم يكن مخيراً في أدائه .
وإن قيل بالوجه الثاني أن الصداق باطل ، فلا فرق في بطلانه بين أن يتعلم القرآن من بعد أولا يتعلمه ، وفيما ترجع به عليه قولان على ما مضى :
أحدهما : أجرة المثل .
والثاني : مهر المثل .
وإذا تزوج مسلم ذمية على تعليمها القرآن ، نظر :
فإن كان قصدها الاهتداء به واعتبار إعجازه ودلائله جاز ، وعليه تعليمها إياه كالمسلمة .
وإن كان قصدها الاعتراض عليه والقدح فيه لم يجز وكان صداقاً باطلاً ؛ لما يلزم من صيانة القرآن عن القدح والاعتراض .
وإن لم يعرف قصدها فهو جائز في ظاهر الحال ؛ لأن القرآن هداية وإرشاد ، ثم يسير بحث حالها في وقت التعليم ، فإن عرف منها مبادئ الهداية : أقام على تعليمها ، وإن عرف منها مبادئ الاعتراض والقدح فسخ الصداق ، وعدل إلى بدله من القولين .
أحدهما : أجرة المثل .
والثاني : مهر المثل .