پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص394

وروي أنا أبا طلحة الأنصاري تزوج أم سليم على غير مهر فأمضى رسول الله ( ص ) نكاحه .

ولأن المقصود من عقد النكاح التواصل والألفة ، والصداق فيه تبع لمقصوده ، فخالف عقود المعاوضات من وجهين :

أحدهما : أن رؤية المنكوحة ليست شرطاً فيه .

والثاني : أن ترك العوض فيه لا يفسده .

فأما كراهتنا لترك الصداق في العقد وإن كان جائزاً فلثلاثة أمور :

أحدها : لئلا يتشبه بالموهوبة التي تختص برسول الله ( ص ) دون غيره من أمته .

والثاني : لما فيه من قطع المشاجرة والتنازع إلى الحكام .

والثالث : ليكون ملحقاً بسائر العقود التي تستحق فيها المعاوضات والله أعلم .

القول في النكاح إذا كان بمهر مجهول حرام
مسألة

قال الشافعي : ‘ فلو عقد بمجهولٍ أو بحرامٍ ثبت النكاح ولها مهر مثلها ‘ .

قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا عقد النكاح بمهر مجهول أو حرام ، كان النكاح جائزاً ولها مهر مثلها ، وهو قول جمهور العلماء .

وقال مالك في أشهر الروايتين عنه : إن النكاح باطل بالمهر الفاسد ، وإن صح بغير مهر مسمى .

استدلالاً بنهي النبي ( ص ) عن نكاح الشغار ؛ لفساد المهر فيه . قال : ولأنه عقد نكاح بمهر فاسد فوجب أن يكون باطلاً كالشغار ، ولأنه عقد معاوضة ببدل فاسد فوجب أن يكون باطلاً كالبيع .

قال : ولئن صح النكاح بغير مهر ، لا يمتنع أن يبطل بفساد المهر كما يصح البيع بغير أجل وغير خيار ، ويبطل بفساد الأجل وفساد الخيار .

ودليلنا رواية ابن عباس أن النبي ( ص ) قال : ‘ لا نكاح إلا بولي مرشدٍ وشاهدي عدلٍ ‘ فتضمن هذا الخبر نفي النكاح بعدم الولي والشاهدين ، وإثبات النكاح بوجود الولي والشاهدين . وهذا نكاح بولي وشاهدين فوجب أن يكون صحيحاً .

ولأن فساد المهر لا يوجب فساد العقد كالمهر المغصوب ، ولأن كل نكاح صح بالمهر الصحيح صح بالمهر الفاسد كما لو أصدقها عبداً فبان حراً .

قال الشافعي : ولأنه ليس في فساد المهر أكثر من سقوطه ، وليس في سقوطه أكثر من فقد ذكره ، ولو فقد ذكره لم يبطل النكاح ، فكذلك إذا ذكر فاسداً .