الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص377
والثاني : أن يطأ في القبل فيغيب بعض الحشفة ويترك ماءه فيه ، فتجب به العدة ، ويكمل به المهر ولا يسقط حكم العنة ؛ لأنه إنما سقط بتغييب جميع الحشفة .
والثالث : إن استدخل ماءه من غير وطء فيجب به العدة ، ويستحق معه الرجعة ، ولا يسقط به العنة ، وفي هذا عندي نظر لكن قد قاله أصحابنا وفرعوا عليه ، فقالوا : لو أنزل قبل نكاحها ، واستدخلته بعد نكاحها لم تعتد منه ، لأنها في حال الإنزال لم تكن زوجة وإن صارت وقت الإدخال زوجة ، وإن كانت وقت الإنزال زوجة ، فإنما أوجبوا فيه العدة ، وألحقوا منه الولد إذا كانت في حالتي إنزاله واستدخاله زوجةً .
أحدهما : قاله في القديم لا يجوز أن يؤجل لها ثانية . وإن كان في عقد ثانٍ كما لا يجوز في نكاح واحدٍ ، وهكذا لو أنها فسخت نكاحه الأول بالعنة من غير طلاقٍ ثم تزوجته لم يؤجل لها في النكاح الثاني ، لأن علمها بعنته كعلمها بجذامه وبرصه ، وهي لا تجوز إذا نكحته بعد العلم به أن تفسخ فكذلك في العنة .
والقول الثاني : – قاله في الجديد – أنه يؤجل لها في النكاح الثاني ؛ لأن لكل عقد حكم بنفسه ، وليست العنة من العيوب اللازمة ، وقد يجوز زوالها فجرى مجرى الإعسار بالنفقة التي يرجى زوالها ، ويعود استحقاق الفسخ بها ، ولكن لو أصابها في النكاح الأول فسقط بإصابته حكم العنة ثم طلقها فتزوجها ثم حدثت به العنة في النكاح أجل لها قولاً واحداً لأن حكم عنته الأولى قد ارتفع بإصابته فصارت مستأنفة لنكاح من ليس بعنين فإذا ظهرت به العنة أجل والله أعلم .
قال الماوردي : وصورتها : أن يختلف الزوجان في الإصابة بعد أجل العنة ، فتقول الزوجة : لم يصبني فلي الفسخ ، ويقول الزوج : قد أصبتها فلا فسخ لها ، فلا يخلو حالها من أحد أمرين :
إما أن تكون بكراً أو ثيباً ، فإن كانت ثيباً فالقول قول الزوج في الإصابة مع يمينه ولا خيار لها ؛ لأنه ثبوت النكاح يمنع من تصديق قولها في فسخه ، فإن حلف سقط