پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص374

الحاكم إذا رافعته الزوجة إليه بالوطء أو الطلاق كما يأخذه المولى بهما ، ولم يؤجله ؛ لأنه ليس بعنين ولا يطلق عليه الحاكم ، بخلاف المولى في أحد القولين بل يحبسه حتى يفعل أحد الأمرين من الوطء أو الطلاق ، فإذا وطئها مرة سقط لها مطالبته بالفرقة لقول الله تعالى : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ ) ( البقرة : 228 ) ودليلنا قول الله تعالى : ( لِلْرِجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ) ( البقرة : 228 ) فمن درجة الرجل على المرأة أن يلزمها إجابته إذا دعاها إلى الفراش ولا يلزمه إجابتها ، ولأنه لما كان رفع العقد بالطلاق إليه دونها كان الوطء فيه حقاً له دونها ؛ ولأنه لما كان الوطء في ملك اليمين حقاً للمالك دون المملوكة ، كان الوطء في النكاح حقاً للناكح دون المنكوحة والله أعلم .

مسألة

قال الشافعي : رضي الله عنه : ‘ ولا تكون إصابتها إلا بأن يغيب الحشفة أو ما بقي من الذكر في الفرج ‘ .

قال الماوردي : الإصابة التي تسقط بها حكم العنة هي تغييب الحشفة في القبل حتى يلتقي الختانان فيجب الغسل سواء أنزل أم لم ينزل لأنها الإصابة التي يكمل بها المهر المسمى في النكاح ، ويجب لها مهر المثل في الشبهة والحد في الزنا ، هذا إذا كان سليم الذكر باقي الحشفة ، ولا اعتبار بمغيب ما بعد الحشفة ، فأما إذا كان مقطوع الحشفة ففيما يعتبر بغيبه من بقية الذكر وجهان :

أحدهما : يعتبر أن تغييب باقيه قدر الحشفة ليكون بدلاً منها فسقط به حكم العنة كما سقط بها .

والوجه الثاني : أنه يعتبر تغييب باقيه كله ، وهو ظاهر قوله هاهنا ؛ لأن الحشفة حد ليس في الباقي ، فصار جميع الباقي حداً .

فصل

فأما الوطء في الدبر فلا يسقط به حكم العنة ؛ لأنه محل محظور لا يستباح العقد ، فلم يسقط به حكم الوطء المستحق بالعقد ولو وطئها في الحيض ، والإحرام سقط به حكم العنة ، وإن كان محظوراً ؛ لأنه في المحل المستباح بالعقد .

مسألة

قال الشافعي : رضي الله عنه : ‘ فإن لم يصبها خيرها السلطان فإن شاءت فراقه فسخ نكاحها بغير طلاقٍ لأنه إليها دونه ‘ .

قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا مضت للعنين سنة من حين أجل فهي على حقها ، ما لم ترافعه إلى الحاكم ، وليس يلزم تعجيل محاكمته بعد السنة على الفور بخلاف الفسخ في العيوب لأن تمكنها للزوج من نفسها في العيوب يمنع من الفسخ ، فكان الإمساك كذلك فإن حاكمها الزوج في عنته إلى الحاكم ، لم يكن له ذلك ، لأنه حق عليه هو مأخوذ به ، وليس بحق له ، فيطالب به فإذا رافعته إلى الحاكم بعد السنة ،