الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص359
رسول الله ( ص ) لعمه العباس ألا تعجب من شدة حب مغيث بريرة ومن شدة بغض بريرة مغيث ، قال : فقال لها رسول الله ( ص ) ‘ لو راجعته فإنما هو أبو ولدك ‘ فقالت : أتأمرني فقال : إنما أنا شافع ، قالت فلا حاجة لي فيه .
فأما ترجيحه بأن شهود الحرية أولى من شهود العبودية كذلك راوي الحرية أولى من راوي العبودية .
فالجواب عنه أن يقال : إن علم شهود الحرية بالعبودية فشهادتهم أولى ، لأنهم أزيد علماً ممن علم العبودية ، ولم يعلم ما يجدد بعدها من الحرية وإن لم يعلم شهود الحرية بالعبودية ، وكان مجهول الحال فقد اختلف أصحابنا فيه على وجهين :
أحدهما : أن الشهادتين قد تعارضتا فسقطتا .
والوجه الثاني : أن شهادة العبودية أولى ، لأنها تخالف الظاهر من حكم الدار فكانت أزيد ممن شهد بالحرية التي هي الغالب من حكم الدار ألا ترى أن اللقيط يجري عليه حكم الحرية في الظاهر ، لأنه الغالب من حكم الدار ، ولأن أهلها أحرار فلم يكن في هذا الاستشهاد ترجيح .
فإن قالوا : تستعمل الروايتين فتحمل رواية من نقل العبودية على أنه كان عبداً وقت العقد ، ورواية من نقل الحرية على أنه كان حراً وقت العتق ، لأن الحرية تطرأ على الرق ، ولا يطرأ الرق على الحرية فكان ذلك أولى ممن استعمل إحدى الروايتين دون الأخرى .
والجواب عن هذا الاستعمال من وجهين :
أحدهما : أنه تأويل يبطل بخبرين :
أحد الخبرين : أن أسامة روى عن القاسم عن عائشة أن رسول الله ( ص ) قال لبريرة : ‘ إن شئت أن تستقري تحت هذا العبد ، وإن شئت فارقتيه ‘ فيقال إنه كان في وقت التخيير عبداً .
والخبر الثاني : ما رواه هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنه كان عبداً فخيرها رسول الله ( ص ) فاختارت نفسها ، ولو كان حراً لم يخيرها .
والجواب الثاني : أننا نقابل هذا الاستعمال بمثله من وجهين :
أحدهما : أنه كان حراً قبل السبي وعبداً بعد السبي عند العقد والتخيير .
والثاني : أنه كان عبداً وقت العتق وحراً وقت التخيير فتكون لها الخيار في أحد