پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص339

ودليلنا : ما رواه عبد الله بن عمر أن النبي ( ص ) تزوج امرأة من بني بياضة فوجد بكشحها بياضاً فردها ، وقال : دلستم علي .

ووجه الدليل منه هو أنه لما نقل العيب والرد وجب أن يكون الرد ، لأجل العيب .

فإن قيل : فيحمل على أنه طلقها لأجل العيب كالتي قالت له حين تزوجها : أعوذ بالله منك ، فقال : ‘ لقد استعذتي بمعاذ فالحقي بأهلك ‘ فكان ذلك طلاقاً منه لأجل استعاذتها منه قيل لا يصح هذا التأويل من وجهين :

أحدهما : لأنه خالف الظاهر ، لأن نقل الحكم مع السبب يقتضي تعلقه به كتعلق الحكم بالعلة ، والطلاق لا يتعلق بالعيب كتعلق الحكم بالعلة ، وإن كان داعياً إليه فلم يصح حمله عليه ، وخالف حال طلاقه للمستعيذة ، لأن الاستعاذة ليست عيباً يوجب الرد فعدل به إلى الطلاق .

والثاني : أن الرد صريح في الفسخ وكناية في الطلاق ، وحمل اللفظ على ما هو صريح فيه .

وروى أبو جعفر المنصور عن أبيه عن جده عن الله بن عباس قال : قال رسول الله ( ص ) : ‘ اجتنبوا من النكاح أربعة : الجنون ، والجذام ، والبرص ، والقرن ، فدل تخصيصه لهذه الأربعة من عيوب النكاح على اختصاصها بالفسخ .

ومن طريق القياس : هو أنه عيب يمنع غالب المقصود بالعقد فجاز أن يثبت به خيار الفسخ كالجب ولا يدخل عليه الصغر ، والمرض ، لأنهما ليسا بعيب ، ولأن العقد الذي يلزم من الجهتين إذا احتمل الفسخ وجب أن يجري الفسخ في جنس العقد ولأنه عيب مقصود بعقد النكاح فوجب أن يستحق الفسخ كالعيب في الصداق ، ولأن كل من ملك رد عوض ملك عليه رد المعوض كالثمن والمثمن في البيع .

فأما الجواب عن الاستدلال بأن المعقود عليه هو الاستباحة ، وليس فيها عيب فهو أن هذا فاسد ، لأن المعقود عليه هو الاستمتاع المستباح ، وهذه عيوب فيه كما أن زمانه العبد المستأجر عيب في منافعه فاستحق بها الفسخ .

وأما قياسهم على ما سوى الخمسة من العيوب فالمعنى فيه أن تلك العيوب لا تمنع مقصود العقد ولا تنفر النفوس منها ، وليس كذلك هذه الخمسة ، لأنها إما مانعة من المقصود أو منفرة للنفوس فافترقا .

وأما قياسهم على الهبة بعلة أنها لا تفسخ بنقصان الأجزاء فهذا الوصف غير مسلم ، لأنه يستحق بالجب ، وهو نقصان جزء . ثم المعنى في الهبة ، أنه لا عوض فيها فيلحقه ضرر