الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص315
قال الماوري : وهذا كما قال إذا وطئ الحائض في قبلها فقد أثم ، وعليه أن يستغفر الله تعالى ولا كفارة عليه وهو قول أبي حنيفة وأكثر الفقهاء .
وقال الحسن البصري : عليه ما على المظاهر .
وقال سعيد بن جبير : عليه عتق نسمة وقال الأوزاعي : عليه أن يتصدق بدينار إن وطئ في الدم ، ونصف دينار إن وطئ قبل الغسل ، وبه قال ابن جرير الطبري استدلالاً برواية ابن عباس أن النبي ( ص ) قال : ‘ إن وطئ في الدم فعليه دينار ، وإن وطئ قبل الغسل فنصف دينار ‘ . وروى هذا الحديث للشافعي وكان إسناده ضعيفاً .
قال : إن صح قلت به ، فإن لم يصح فلا شيء عليه وإن صح فقد اختلف أصحابنا فيه مع الصحة هل يكون محمولاً على الإيجاب أو على الاستحباب على وجهين :
أحدهما : – وهو قول كثير منهم – أن يكون محمولاً على الإيجاب أو على الاستحباب على وجهين :
أحدهما : اعتباراً بظاهره ، وقد حكى الربيع عن الشافعي : أنه قال : ما ورد من سنة الرسول بخلاف مذهبي فاتركوا له مذهبي ، فإن ذلك مذهبي وقد فعل أصحابنا مثل ذلك في التصويب في الصلاة الوسطى .
والوجه الثاني : – وهو قول أبي العباس بن سريج – أنه يكون محمولاً على الاستحباب دون الوجوب لأن الزنا والوطء في الدبر أغلظ تحريماً ولا كفارة فيه فلأن لا يكون فيه وطء الحائض كفارة أولى ، ولأن كفارة الوطء إنما تجب بما تعلق به من إفساده عبادة كالحج والصيام ، وليس في كفارة إذا لم يتعلق به إفساد عبادة ، وقد روي أن رجلاً قال لأبي بكر – رضي الله تعالى عنه – رأيت في منامي كأنني أبول الدم فقال لعلك تطأ امرأتك حائضاً قال : نعم ، قال : أستغفر الله ولا تعد ، ولم يلزمه كفارة فأما المستحاضة فلا يحرم وطئها ، لأنها كالطاهرة فيما يحل ويحرم ، ولأن دم الاستحاضة رقيق وهو دم عرق قليل الأذى ، وليس كدم الحيض في ثخنه ونتنه وأذاه ، والله أعلم .