پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص283

ويكون معنى قوله : ‘ كلما أسلمت واحدة ‘ أن الزوج قال عند إسلام كل واحدة قد فسخت نكاحها يريد الطلاق طلقت ؛ لأنه لو اختارها في هذه الحال صح فصح أن يطلقها فعلى هذا لو أسلم معه الثماني كلهن فقال لهن : أيتكن دخلت الدار فقد فسخت نكاحها ؛ لأنه فسخ بصفة ، ولو قال : أيتكن دخلت الدار فهي طالق ، كان على ما ذكرنا من الوجهين :

أحدهما : لا يصح ؛ لأنه يتضمن اختياراً بصفة .

والثاني : يصح تغليباً لحكم الطلاق ، فإذا دخلها أربع طلقن ، وانفسخ نكاح الباقيات ، فيصير الطلاق معلقاً به ثلاثة أحكام :

أحدها : اختيار المطلقات .

والثاني : فراقهن .

والثالث : فسخ نكاح من عداهن ، فعلى هذا لو دخل الثماني الدار كلهن في حالة واحدة لم يتقدم بعضهن بعضاً ، ووقع الطلاق على الزوجات الأربع منهن وجهاً واحداً لأنه طلاق لا يتضمن الاختيار .

وقيل له : اختر أربعاً منهن فإذا اختارهن تعين وقوع الطلاق فيهن ، وانفسخ نكاح الباقيات بغير طلاق والله أعلم .

مسألة

قال الشافعي رحمه الله : ‘ ولو أسلمن معه فقال لا أختار حبس حتى يختار وأنفق عليهن من ماله لأنه مانعٌ لهن بعقدٍ متقدمٍ ولا يطلق عليه السلطان كما يطلق على المولى فإن امتنع مع الحبس عزر وحبس حتى يحتار وإن مات أمرناهن أن يعتددن الآخر من أربعة أشهرٍ وعشرٍ أو من ثلاث حيضٍ ويوقف لهن الميراث حتى يصطلحن فيه ‘ .

قال الماوردي : وصورتها في مشرك أسلم وأسلم معه ثماني زوجات فعليه أن يختار منهن أربعاً لئلا يصير جامعاً بين ثمان ، فإن توقف عن الاختيار سأله الحاكم عن توقفه وأمره بتعجيل اختياره ؛ لأن لا يستديم ما حظره الشرع في الجمع ، فإن سأل أنظاره ليفكر في اختياره ويرتئي في أحظهن له أنظره ما قل من الزمان الذي يصح فيه فكره وهل يجوز أن يبلغ بإنظاره ثلاثة أيام أم لا ؟ على قولين كالإنظار للمولى والمرتد فإذا اختار بعد الإنظار ، فهو مخير بين أن يختار أربعاً فيكون اختياره لهن فسخاً لمن عداهن وبين أن يفسخ نكاح أربع فيكون فسخه اختياراً لنكاح من عداهن إلا أن يكون الباقيات بعد فسخ نكاح الأربع أكثر من أربع كأنهن عشر فيحتاج بعد فسخ الأربع أن يختار من الست أربعاً ، أو يفسخ منهن نكاح اثنين فيثبت نكاح الأربع ، واختياره وفسخه بالقول ، فاختياره قولاً أن يقول : قد اخترت نكاحها ، أو قد اخترت إمساكها ، أو قد اخترت جنسها فإن قال : قد أخرتها صح ، فكذلك لو قال : قد أمسكتها ؛ لأن الله تعالى يقول : ( فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ) ( البقرة : 229 ) وقال النبي ( ص ) لغيلان : ‘ أمسك أربعاً ‘ وإن قال : قد حبستها لم يصح اختياره لاحتماله ، ولأن الشرع لم يأت به ، وإن قال : قد ردتها لم يصح اختيارها لاحتمال أن يكون