الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص281
أحدها : أن الخيار للأربع المسلمات فينفسخ باختياره لهن نكاح الأربع المشركات سواء أسلمن في عددهن أم لا ؟ وهذا لو فسخ نكاح الأربع المتأخرات كان اختيار النكاح الأربع المسلمات ؛ لأن الاختيار والفسخ يتقابلا فكان في كل واحد منهما دليل على الآخر .
والثاني : أن يمسك عن اختيار الأربع المسلمات انتظاراً لإسلام الأربع المشركات فيكون له ذلك فإن لم يسلمن حتى مضت عددهن ثبت نكاح الأربع المتقدمات ، وإن أسلمن في عددهن كان له أن يقيم على أربع من أيتهن شاء إما الأربع المتقدمات وإما الأربع المتأخرات ، وإما على بعض المتقدمات ، ويستكمل أربعاً من المتأخرات ، فلو مات الأربع المتقدمات ثم أسلم الأربع المتأخرات كان خياره باق في الموتى كبقائه في الأحياء ، لأن اختياره لهن إبانة عن تقدم نكاحهن فإن اختار الأربع الموتى انفسخ نكاح الإحياء ، وكان له الميراث من الموتى ومتن في زوجيته ، وإن اختار الأربع الأحياء ثبت نكاحهن وبان به فسخ نكاح الأربع الموتى ، وإنهن متن أجنبيات فلم يرثهن ، وإن اختار بعض الأحياء وبعض الموتى فعلى مضى .
والثالث : أن يختار الزوج عند إسلام الأربع معه بعضهن وينتظر إسلام الباقيات كأنه أختار من الأربع اثنتين وتوقف عن الاثنتين الباقيتين انتظارا لإسلام الأربع المختارات فثبت نكاح الاثنتين المختارتين ، فإذا أسلم الأربع المتأخرات كان له أن يختار من الجميع وهن ست اثنتين تمام أربع من أيتهن شاء ، وينفسخ نكاح الأربع الباقيات .
فإذا تقررت هذه الجملة فمسألة الكتاب أن يقول وقد أسلم معه من الثماني واحدة قد اخترتها ، ثم تسلم ثانية فيقول : قد اخترتها ، ثم تسلم ثالثة فيختارها ثم تسلم رابعة فيختارها فقد ثبت نكاح الأربع المسلمات لاختيار كل واحدة بعد إسلامها وانفسخ به نكاح الأربع المتأخرات ثم تراعي أحوالهن ، وإن لم يسلمن حتى انقضت عددهن وقعت الفرقة باختلاف الدينين من وقت إسلام الزوج ، وإن أسلمن في عددهن وقعت الفرقة بالاختيار واستأنفن العدة من وقت اختياره الرابعة لأن باختيارها ممن سواها ، فلا يكون الفسخ طلاقا سواء وقع باختلاف الدينين أو بالاختيار .
وقال أبو حنيفة : إن وقع الفسخ بإسلام الزوجة ، وتأخر الزوج كان طلاقا ، وإن وقع الفسخ بإسلام الزوج وتأخر إسلام الزوجة لم يكن طلاقا ، وكلا المذهبين خطأ ؛ لأن ما وقعت الفرقة فيه بغير طلاق لم يكن طلاقا كسائر الفسوخ والله أعلم .