الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص277
قال الماوردي : وصورتها في عبد تزوج في الشرك بأربع زوجات إماء وأسلم وأسلمن معه ثم أعتق الإماء فلهن الخيار بالعتق بين المقام أو الفسخ ، وفي مدة خيارهن ثلاثة أقاويل :
أحدها : وهو أصح أنه على الفور معتبر بالإمكان فمتى أمكنهن تعجيل الفسخ ، فأخرته بعد المكنة زماناً ، وإن قبل بطل خيارهن ، لأنه خيار استحقته لنقص الزوج بالرق عما حدث من كمالهن بالحرية ، فجرى مجرى خيار الرد بالعيوب واستحقاقه على الفور .
والقول الثاني : أنه ممتد الزمان إلى ثلاثة أيام كالخيار في المصراة .
والقول الثالث : أنه باق لهن ، وإن تطاول بهن الزمان ما لم تمكن من أنفسهن أو يصرحن بالرضى اعتباراً بأن ما لا يخالف حالهن في الفسخ فهم باقيات على حكمه .
فأما المزني فإنه اعترض على الشافعي فيما ذكره من استحقاق الخيار على الفور بثلاثة فصول :
أحدها : أن حكي عنه بخلاف فقال : قطع في كتابين بأن لها الخيار ، وهذا الاعتراض ليس بشيء ، لأن قول الشافعي في مدة الخيار مختلف ، وإنما ذكر في هذا الموضع أصح أقاويله عنده .
والفصل الثاني : احتج فيه على أن الخيار على التراخي دون الفور ، بأن الشافعي قال : وإن أصابها فادعت أنها كانت على حقها وهذا على ضربين :
أحدهما : أن يدعى الجهالة بالعتق .
والثاني : أن يدعي الجهالة بالحكم .
فأما إذا ادعت الجهالة بالعتق أو قالت : مكنته من نفسي ولم أعلم ، بعتقي فإن علم صدقها قبل قولها ، وإن علم كذبها رد قولها ، وإن جوز الأمران فالقول قولها مع يمينها إن كذبت وهي على حقها من الخيار ، وأما إذا ادعت الجهالة بالحكم بأن قالت مكنته من نفسي مع العلم بعتقي ، ولكن لم أعلم أن لي الخيار إذا أعتقت وأمكن ما قالت ففيه قولان :
أحدهما : إنه لا خيار لها ، وأن لم تعلم ؛ لأنه قد كان يمكنها أن تستعلم كما لا خيار في رد العيب إذا أمسكت عنه جهلاً باستحقاق رده .
والقول الثاني : لها الخيار : ولأنه قد يخفى إلا على خواص الناس وليس كالرد بالعيب الذي يعرفه الخاصة والعامة ، وفي هذا التفصيل جواب على احتجاج المزني به .
والفصل الثالث : إن عارض الشافعي في عبارته وهي قوله : ‘ لم يكن لها الخيار إذا أثنى عليهن أقل أوقات الدنيا ‘ فأفسد هذه العبارة وأحالها من وجهين :