الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص273
فلها الخيار مسلماً كان العبد أو كافراً ، وإن لم يعتقا فلا خيار لهما ؛ لأنهما قد ساوياه في نقصه بالرق ، وأما الحرائر ففي ثبوت الخيار لهن بإسلامه وجهان :
أحدهما : أنه لا خيار لهن لعلمهن برقه ورضاهن مع كمالهن بنقصه ، فلم يحدث لهن بالإسلام خيار ، لأن الإسلام يؤكد النكاح ولا يضعفه ، وهذا اختيار أبي حامد المروزي .
والوجه الثاني : لهن الخيار في فسخ نكاحه ؛ لأن الرق في الإسلام نقص ، وفي الكفر ليس بنقص لإطلاق تصرفه في الكفر وثبوت الحجر عليه في الإسلام ، ونقص أحكامه في طلاقه ، ونكاحه ، وحدوده ، وعدم ملكه ، وقهر السيد له على نفسه فيكون الرق في الإسلام نقصاً يثبت للحرائر من زوجاته الخيار في إسلامه ، وإن لم يثبت لهن في شركه وهذا اختيار أبي القاسم الداركي ، فعلى هذا إن قيل : للحرائر الأربعة الخيار فاخترن فسخ نكاحه ثبت نكاح الأمتين ، وإن قيل : لا خيار لهن و قيل لهن الخيار ، فاخترن المقام على نكاحه كان له أن يختار منهن ، وهن ست ، اثنتين من أيهن شاء إما أن يختار الحرتين المسلمتين أو الحرتين الكتابيتين أو الأمتين المسلمتين أو واحدة من الأمتين ، وواحدة من الحرائر ؛ لأنه عبد يجوز أن يجمع بين أمتين وبين أمة وحرة .
قال الماوردي : وصورتها في عبد تزوج في الشرك بأربع زوجات إماء ودخل بهن ثم اسلمن وعتقن قبل إسلامه فلهن أن يخترن فسخ نكاحه بالعتق ، وإن كان جاريات في الفسخ بتقدم الإسلام لأمرين :
أحدهما : أنهن جاريات في فسخ فلم يمتنع أن يستحق معه حدوث فسخ ، لأن الفسخ لا ينافي الفسخ لاجتماعهما ، وإنما ينافي المقام لتضادهما .
والثاني : أنهن يستفدن بتعجيل الفسخ قصور أحد العدتين ، لأنهن لو انتظرن إسلام الزوج لاستأنف العدة بعد إسلامه ، وإذا قدمن الفسخ تقدمت العدة قبل إسلامه .
فإن قيل : فهلا أغنى جريانهن في الفسخ بتقدم الإسلام عن أن يحدثن فسخاً بحدوث العتق .
قيل : لا يغني ؛ لأن الفسخ بالإسلام متردد بين إفضائه إلى الفرقة إن تأخر إسلام الزوج وبين إفضائه إلى ثبوت النكاح إن تعجل والفسخ بالعتق مفض إلى الفرقة في الحالين ، فإذا تقرر هذا فلهن ثلاثة أحوال :