الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص271
والوجه الثاني : قد لزمه فسخها ، ولا يجوز له اختيارها ، لأنه لم يؤثر في الحال لعدم غيرها فلما وجد غيرها صار مؤثراً والله أعلم .
قال الماوردي : وصورتها في حر تزوج في الشرك أربع زوجات إماء وحرة خامسة ثم أسلم وأسلم معه الإماء ، وحاله حال من ينكح الإماء ويقف نكاح الإماء على إسلام الحرة ، فإن عتق الإماء قبل إسلام الحرة فحكم نكاحهن نكاح الحرائر ، وإن عتقن بعد اجتماع إسلامهن مع الزوج فإن حكمهن حكم نكاح الإماء ، وإن صرن حرائر اعتباراً بحالهن عند اجتماع الإسلامين ولا اعتبار بما حدث بعدها ممن عتقهن ، كما يعتبر حال يساره وإعساره عند اجتماع الإسلامين دون ما حدث بعدها ، وإذا كان كذلك ، قيل : ليس لك أن تختار من الإماء وإن عتقن أحداً ما كانت الحرة باقية في عدتها ، فإن اختار منهن واحدة لم يصح اختيارها في الحال وروعي إسلام الحرة ، فإن أسلمت قبل مضي عدتها ، وملك نكاح الإماء المعتقات كلهن المختارة منهن وغيرها ، وإن لم تسلم الحرة حتى انقضت عدتها انفسخ نكاحها بإسلام الزوج ، وكان له أن يختار واحدة من المعتقان ولا يزيد عليها ، وهل يثبت نكاح المختارة منهن باختيار الأول .
قال الشافعي : ‘ فإن اختار منهن واحدة ولم تسلم الحرة ثبت ‘ فاختلف أصحابنا فيه على وجهين :
أحدهما : ثبت إن استأنف اختيارها ، فأما بالاختيار الأول فلا يثبت ؛ لأنه لما لم يثبت الاختيار في الحال لم يصح أن يكون موقوفاً على ثاني حال فبطل فعلى هذا الوجه يكون مخيراً بين اختيار تلك الأولى واختيار غيرها .
والوجه الثاني : أنها تثبت بالاختيار الأول على الظاهر من قول الشافعي ، ويكون حكم الاختيار موقوفاً ، وإن لم يجز أن يكون أصله موقوفاً ؛ لأنه لما جاز أن يكون ملك الخيار موقوفاً على إسلام الحرة ، فإن أسلمت علم أنه لم يكن مالكاً للخيار ، وإن لم تسلم علم أنه كان مالكاً له جاز أن يكون حكم الخيار موقوفاً على إسلام الحرة .
فإن أسلمت علم أنه لم يثبت ، وإن لم تسلم علم أنه يثبت ، فلو قال في الاختيار الأول إن تسلم الحرة فقد اخترتكن لم يصح هذا الاختيار وجهاً واحداً لأن هذا خيار موقوف الأصل لا موقوف الحكم ، ونحن إما نجوز في أحد الوجهين وقف حكمه لا وقف أصله فتصور فرق بينهما .