پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص259

فإن كانا في دار الحرب فأسلم أحدهما فالنكاح موقوف على انقضاء العدة سواء كانت قبل الدخول أو بعده .

وإن كانا في دار الإسلام فأسلم أحدهما كان النكاح موقوفاً على الأبد قبل الدخول وبعده إلا أن يعرض الإسلام على المتأخر في الشرك فيمتنع ، فيوقع الحاكم الفرقة بطلقة وإن كان أحدهما في دار الحرب والآخر في دار الإسلام فإسلام من حصل في ذلك الإسلام يوجب لفسخ النكاح في الحال قبل الدخول وبعده من غير وقف ، وسواء كان المسلم هو الزوج أو الزوجة .

وقال داود : وأبو ثور : إسلام أحدهما دون الآخر موجب لفسخ النكاح في الحال من غير وقف على أي حال كان إسلامه وفي أي مكان كان .

فأما مالك فاستدل لمذهبه بقول الله تعالى : ( وَلاَ تُمْسِكُوا بِعَصِمِ الكَوَافِرِ ) ( الممتحنة : 10 ) فوجب أن يحرم على المسلم التمسك بعصمة كافر ، ولأن إسلام أحد الزوجين إذا كان مؤثراً في الفرقة كان معتبراً بإسلام الزوج دون الزوجة ؛ لأن الفرقة إلى الرجال دون النساء .

والدليل عليه ما روي أن أبا سفيان وحكيم بن حزام أسلما على يد رسول الله ( ص ) بمر الظهران وزوجتاهما في الشرك بمكة فأنفذ رسول الله ( ص ) أبا هريرة إلى هند زوجة أبي سفيان فقرأ عليها القرآن وعرض عليها الإسلام فأبت ثم أسلمت ، وزوجة حكيم على يد رسول الله ( ص ) فأقرهما على النكاح مع تقدم إسلام الزوجين ، ولأن حظر المسلمة على الكافر أغلظ من حظر الكافرة على المسلم لأن المسلمة لا تحل لكتابي ، والمسلم تحل له الكتابية فلما لم يتعجل فسخ نكاح المسلمة مع الكافر فأولى أن لا يتعجل فسخ نكاح الكافر مع المسلمة .

فأما الآية فلا دليل له فيها ؛ لأنه ممنوع أن يتمسك بعصمتها في الكفر ، وإنما تمسك بعصمتها بعد الإسلام .

وأما استدلاله بأن الفرقة إلى الزوج دون الزوجة فذاك في فرقة الاختيار التي يوقعها المالك والطلاق ، فأما فرقة الفسوخ فيستوي فهيا الزوجان .

فصل

فأما أبو حنيفة فاستدل على وقوع الفرقة باختلاف الدارين من غير توقف بقول الله تعالى : ( يَأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءكُمْ المُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بِأيْمَانِهِنَّ فَإنَّ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٌ فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الكُفَارِ لاَ هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ) ( الممتحنة : 10 ) فاقتضى أن تحرم عليه بالإسلام سواء أسلم بعدها أو لم يسلم ؛ وبرواية عمرو بن شعيب عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن زينب بنت رسول الله ( ص ) هاجرت إليه ، وتخلف زوجها أبو العاص بن ربيع كافراً بمكة ثم أسلم فردها عليه بنكاح جديد ، فدل على وقوع الفرقة باختلاف الدارين .