الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص252
لأن المقصود بالنهي عن الخطبة رفع الضرر ، والمنع من التقاطع ، فلو حمل النهي على ظاهره فيمن لم تأذن له حل الضرر عليها .
والقسم الثالث : أن تمسك عن خطبتها فلا يكون منها إذن ولا رضا ولا يكون منها رد ولا كراهية فيجوز خطبتها وإن تقدم الأول بها لحديث فاطمة بنت قيس المخزومية أن زوجها أبا عمرو بن حفص بت طلاقها ، فقال لها النبي ( ص ) ‘ إذا حللت فآذنيني ‘ ، فلما حلت جاءت إلى النبي ( ص ) فقالت يا رسول الله قد خطبني معاوية وأبو جهم فقال النبي ( ص ) : ‘ أما معاوية فصعلوك لا مال له ، وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه ‘ .
وروى عطاء عن عبد الرحمن بن عاصم عن فاطمة بنت قيس أن النبي ( ص ) قال لها : ‘ أما أبو جهم فأخاف عليك فسفاسته ، وأما معاوية فرجل أخلق من المال ‘ أما الفسفاسة : فهي العصا ، وأما الأخلق من المال ، فهو الخلو منه انكحي أسامة بن زيد ، قالت : فكرهته ثم أطعت رسول الله ( ص ) فنكحته فرزقت منه خيراً واغتبطت به ، فكان الدليل من هذا الحديث من وجهين :
أحدهما : أن أحد الرجلين قد خطبها بعد صاحبه فلم يذكر النبي ( ص ) تحريمه .
والوجه الثاني : أن النبي ( ص ) قد خطبها لأسامة بعد خطبتها فدل على أن الإمساك عن الإجابة لا يقتضي الخطبة :
والقسم الرابع : أن يظهر منها الرضا بالخاطب ، ولا تأذن في العقد ، وذلك بأن تقرر صداقها أو بشرط ما تريد من الشروط لنفسها ففي تحريم خطبتها قولان :
أحدهما : – وبه قال في القديم ، وهو مذهب مالك أنها تحرم خطبتها بالرضا استدلالاً بعموم النهي .
والقول الثاني : – وبه قال في الجديد أنه لا تحرم خطبتها بالرضا حتى يصرح بالإذن ؛ لأن الأصل إباحة الخطبة ما لم تتحقق شروط الحظر ، فعلى هذا وإن اقترن برضاها أذن الولي فيه نظر ، فإن كانت ثيباً لا تزوج إلا بصريح الإذن لم تحرم خطبتها وإن كانت بكراً فيكون الرضا والسكوت منها إذناً حرمت خطبتها برضاها ، وإذن وليها وهاهنا قسم خامس ؛ وهو أن يأذن وليها من غير أن يكون منها إذن أو رضي فإن كان هذا الولي ممن يزوج بغير إذن كالأب والجد مع البكر حرمت خطبتها بإذن الولي ، وإن كان ممن لا يزوج إلا بإذن لم تحرم خطبتها بإذن الولي حتى تكون هي الآذنة فيه .