الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص246
دين وأما الاستدلال باتساع حكمهن في العدد فليس لعدد تأثير في أوصاف التحريم كما لم يكن له تأثير في ذوات الأنساب والله أعلم .
قال الماوردي : وهو كما قال : لا يجوز للمسلم أن يتزوج الكتابية الحربية في دار الإسلام ودار الحرب وأبطل العراقيون نكاحها في دار الحرب بناء على أصولهم في أن عقود دار الحرب باطلة وهي عندنا صحيحة ؛ لأن صحة العقد وفساده معتبر بالعاقد والمعقود عليه دون الولد ؛ ولأن الله تعالى قال : ( وَالمُحْصَنَاتِ مِنَ الّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ) ( المائدة : ) ولم يفرق ؛ ولأن الحرية في إباحتهن الكتاب دون الدار ، ولأنه لما جاز وطئهن بالسبي ، فأولى أن يجوز وطئهن بالنكاح ؛ ولأن من حل نكاحها في دار الإسلام حل نكاحها في دار الحرب كالمسلمة ، فإذا صح نكاح الحربية فهو عندنا مكروه لثلاثة أمور :
أحدها : لئلا يفتن عن دينه بها ، أو بقومها ، فإن الرجل يصبو إلى زوجته بشدة ميله .
والثاني : لئلا يكثر سوادهم بنزوله بينهم ، وقد قال النبي ( ص ) : ‘ من كثر سواد قوم فهو منهم ‘ .
والثالث : لئلا يسترق ولده وتسبى زوجته ؛ لأن دار الحرب ثغر وتغنم ، فإن سبى ولده لم يسترق ؛ لأنه حر مسلم وإن سبيت زوجته ففيه قولان :
أحدهما : يجوز استرقاقها ، لأن ما بينهما من عقد النكاح هو حق له عليها بالدين ولو كان له عليها دين لم يمنع من استرقاقها كذلك النكاح .
والثاني : أنه قد ملك بعضها بالنكاح فلم يجز أن يستهلك عليه بالاسترقاق كما لو ملك منافعها بالإجارة ورقبتها بالشراء .