الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص243
فأما استدلال المزني بالآية فيقتضي كون ما تضمنها من الشرط في ابتداء العقد دون استدامته ، وما ذكره من الاستدلال بأن زوال العلة موجب لزوال حكمها فاسد بخوف العنت .
قال الماوردي : وإذ قد مضى الكلام في الشروط المعتبرة في نكاح الأمة من جهة الزوج بقي الكلام في الشروط المعتبرة من جهتها ، وهو إسلامها فلا يجوز للمسلم نكاح أمة كافرة بمال .
وقال أبو حنيفة : يجوز له نكاح الأمة الكافرة كما يجوز له نكاح الحرة الكافرة استدلالاً بقوله تعالى : ( فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةُ أَوْ مَا مَلَكَتْ أيْمَانُكُمْ ) ( النساء : 3 ) فكانت على عمومها ؛ ولأن كل من جاز له وطئها بملك اليمين جاز له وطئها بملك نكاح كالمسلمة ، ولأن في الأمة الكافرة نقصان : نقص الرق ، ونقص الكفر ، وليس لكل واحد من النقصين تأثير في المنع من النكاح إذا انفرد وجب أن لا يكون لهما تأثير فيه إذا اجتمعا .
ودليلنا قوله تعالى : ( وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمْ المُؤْمِنَاتِ ) ( النساء : 25 ) فجعل نكاح الأمة مشروطاً بالإيمان فلم يستبح مع عدمه قال تعالى : ( اليَوْمَ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتِ ) إلى قوله : ( وَالمُحْصِنَاتِ مِنَ المُؤْمِنَاتِ وَالمُحْصِنَاتِ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الكَتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ) ( المائدة : 5 ) والمحصنات هاهنا الحرائر ، فاقتضى أن لا يحل نكاح إماء أهل الكتاب ؛ ولأن ذلك إجماع ؛ لأنه مروي عن عمر وابن مسعود ، وليس لهما مخالف ولأنها امرأة اجتمع فيها نقصان لكل واحد منهما تأثير في المنع من النكاح ، فوجب أن يكون اجتماعهما موجب لتحريمهما على المسلم كالحرة المجوسية أحد نقصيها الكفر والآخر عدم الكتاب ، والأمة الكتابية أحد نقصيها الرق والآخر الكفر ؛ ولأن نكاح المسلم للأمة الكافرة يفضي إلى أمرين يمنع الشرع من كل واحد منهما .