پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص241

وقال أحمد بن حنبل : يصح نكاح الحرة ، ويبطل به ما تقدم من نكاح الأمة كما لو تقدم نكاح الحرة ، وهذا خطأ لما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ لا تنكح الأمة على الحرة وتنكح الحرة على الأمة ‘ وهذا نص ؛ ولأنه عقد نكاح فلم يبطل ما تقدمه من النكاح كما لو نكح حرة على حرة .

والقسم الثاني : أن يتزوج بالحرة ثم يتزوج بعدها بالأمة فنكاح الحرة صحيح ، ونكاح الأمة بعدها باطل ؛ لأن الأمة لا يجوز أن يتزوجها وتحته حرة ، وعند مالك يجوز نكاح الأمة بعد الحرة ثانياً إذا كان عادماً للطول ، خائفاً للعنت وقد مضى الكلام معه .

والقسم الثالث : أن يتزوجهما معاً في عقد واحد فنكاح الأمة باطل ؛ لأنه قد صار بعقده عليهما مع الحرة قادراً على نكاح حرة ، وهل يبطل نكاح الحرة أم لا ؟ مبني على تفريق الصفقة في البيع إذا جمع العقد الواحد حلالاً وحراماً كبيع خل وخمر في عقد واحد ، أو بيع حر وعبد في عقد واحد فيبطل البيع في الحرام وفي بطلانه في الحلال قولان :

أحدهما : وهو قوله في القديم ، وأحد قوليه في الجديد أنه لا يبطل في الحلال تعليلاً بأن لكل واحد منهما في الجمع بينهما حكم في انفرادها ، فعلى هذا يكون نكاح الحرة جائزاً وإن كان نكاح الأمة باطلاً .

والقول الثاني : وهو أحد قوليه في الجديد أن البيع يبطل في الحلال لبطلانه في الحرام فاختلف أصحابنا في تعليل هذا القول على وجهين :

أحدهما : أن العلة فيه أن اللفظة الواحدة جمعت حلالاً وحراماً ، فإذا بطل بعضها انتقضت ، فعلى هذا يبطل نكاح الحرة كما بطل نكاح الأمة ؛ لأن لفظ العقد عليهما واحد .

والوجه الثاني : أن العلة فيهما الجهالة بثمن الحلال ؛ لأن ما قابل الحرام من الثمن مجهول فصار ثمن الحلال به مجهولاً ، فعلى هذا يبطل به من العقد ما كان موقوف الصحة على الأعواض كالبيع والإجارة الذي لا يصح إلا بذكر ما كان معلوماً من ثمن أو أجرة ، فأما العقود التي لا تقف صحتها على العوض كالنكاح ، والهبة ، والرهن فيصح الحلال منها وإن بطل الحرام المقترن بها فيكون نكاح الحرة صحيحاً ، وإن بطل نكاح الأمة ، وفيما تستحقه من المهر قولان :

أحدهما : مهر المثل وإبطال المسمى .

والقول الثاني : قسط مهر مثلها من المهر المسمى بناء على اختلاف قوليه فيمن نكح أربعاً في عقد على صداق واحد ، فأما المزني فإنه اختار أصح القولين ، وهو تصيح نكاح الحرة مع فساد نكاح الأمة إلا أنه استدل لصحته بمثال صحيح ، وحجاج فاسد .

أما المثال الصحيح فهو قوله : ‘ وكذلك لو تزوج معها أختها من الرضاعة ‘ ؛ لأنه إذا جمع في العقد الواحد بين أختها وأجنبية كان لجمعه بين حرة وأمة في عقد واحد فيبطل نكاح أخته وفي نكاح الأجنبية قولان .