الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص240
وأما قياسهم على الحرائر فالمعنى فيهن : جواز العقد عليهن بغير ضرورة ؛ ولأنه لا يسترق ولده فيدخل عليه باسترقاقه ضرر فخالف نكاح الإماء من هذين الوجهين :
وأما الجواب عن قياسهم على العبد فهو أنه يجوز أن ينكح الأمة لغير ضرورة وليس عليه استرقاق ولده ضرر ، فخالف الحر من هذين الوجهين ، فعلى هذا لو تزوج أمتين ثبت نكاح الأولى وبطل نكاح الثانية ، فإن تزوجها في عقد واحد بطل نكاحهما ، لأن إحداهما إن حلت فهي غير معينة ، فصار كمن تزوج أختين بطل نكاح الثانية ، إن تزوجها في عقدين ، وبطل نكاحهما إن تزوجها في عقد واحد .
وقال أبو حنيفة : هو كالحر لا يجوز إن ينكح الأمة إذا كان تحته حرة استدلالاً بأن من تحته حرة فهو ممنوع من نكاح الأمة كالحر .
ودليلنا قول الله تعالى : ( وَمَنْ لَمْ يَسْتَطَعْ مِنُكُمْ طَوْلاً ) فخص الأحرار بتوجيه الخطاب إليهم ثم قال : ( ذَلَكَ لِمَنْ خَشِيَ العَنَتَ ) فخصهم به أيضاً فاقتضى أن يكونوا مخصوصين بهذا المنع ويكون العبد على إطلاقه من غير منع ، ولأن من جاز له أن ينكح امرأة من غير جنسه جاز له أن ينكح عليها امرأة من جنسه كالحر ، إذا نكح أمة يجوز له أن ينكح عليها حرة .
فأما قياسه على الحر فمنع منه النص ثم المعنى في الحر أنه يلحقه في نكاح الأمة عار لا يلحق العبد .
فإذا تقرر هذا كان للعبد أن ينكح أمة على حرة ، وأن يجمع في العقد الواحد بين أمة وحرة ، وإن يجمع بين أمتين كما يجمع بين حرتين والله أعلم .
قال الماوردي : وصورة هذه المسألة فيمن يحل له نكاح الأمة يزوج بحرة وأمة فهذا على ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يتزوج الأمة ثم يتزوج بعدها حرة فنكاحهما صحيح ؛ لأنه نكح الأمة على الشرط المبيح ، ونكح الحرة بعد الأمة صحيح .