پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص229

قال الماوردي : للزوج أن يمنع اليهودية من البيعة والنصرانية من الكنيسة والمسلمة من المسجد ، وإن كانت بيوتاً تقصر للعبادة التي لا يجوز أن يمنع من واجباتها ؛ لأنها قد توافي في منازل أهلها وقد روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ لا تحل المرأة بيتاً ولا تخرج من بيت زوجها كاره ‘ ولأنها قد تفوت عليه الاستمتاع في زمان الخروج فكان له منعها لاستيفاء حقه من الاستمتاع بها .

فإن قيل : فقد روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ لا يمنعن إماء الله مساجد الله وليخرجن تفلات ‘ فعنه جوابان :

أحدهما : أنه لا يمنعها منع تحريم خوفاً من أن يظن أن منعهن من إتيان المساجد واجب .

والثاني : أن الرواية ‘ لا تمنعوا إماء الله مسجد الله ‘ يريد به المسجد الحرام في حجة الإسلام ، ثم هكذا يمنعها من الخروج إلى الأعياد ، ثم إذا كان له منعها من الخروج إلى هذه العبادات كان بأن يمنعها من الخروج بغير العبادات أولى .

مسألة

قال الشافعي : ‘ ويمنعها من شرب الخمر وأكل الخنزير إذا كان يتقذر به ومن أكل ما يحل إذا تأذى بريحه ‘ .

قال الماوردي : أما الذمية فللزوج أن يمنعها أن تشرب الخمر والنبيذ وما يسكرها لأمرين :

أحدهما : ربما أنه خاف على نفسه من سكرها .

والثاني : أنه قد ربما منعته في السكر من الاستمتاع بها فصار بكل واحد من الأمرين غير ممكن من الاستمتاع فلذلك جاز أن يمنعها منه قولاً واحداً ، فأما إذا أرادت أن تشرب من الخمر والنبيذ ما لا يسكرها فقد اختلف أصحابنا فيه على ثلاثة أوجه :

أحدها : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة إن له منعها من يسيره الذي لا يسكر كما يمنعها من كثيره الذي يسكر ؛ لأن حد المسكر منه غير معلوم ، وربما أسكرها اليسير ولم يسكرها الكثير ؛ لأن السكر يختلف باختلاف الأمزجة والأهوية فالمحرور يسكره القليل ، والمرطوب لا يسكره إلا الكثير ، وإذا برد الهواء واشتد أسكر القليل وإذا حمى الهواء لم يسكر إلا الكثير ، فلم يجز مع اختلافه أن يغترف حال قليله وكثيره .

والثاني : وهو قول أبي حامد الإسفراييني لما لم يذكر إمارة تدل على أن الزيادة بعدها مسكرة وهذا القدر لا يمنع من الاستمتاع ، ولكن ربما عافته نفوس المسلمين لا سيما من قوي دينه ، وكثر تحرجه فيصير مانعاً له من كمال الاستمتاع ، فيحرم جواز منعها منه على قولين .