پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص226

منهم ، وأقرهم فدل على أنهم أفردوا من أهل الكتاب بأخذ الجزية وحدها فلذلك خصهما عمر بن عبد العزيز بالسؤال والإنكار ، فأما استدلاله بقوله : ‘ سنوا بهم سنة أهل الكتاب ‘ فيعني به في أخذ الجزية لأمرين :

أحدهما : أنه روى ذلك عند الشك في قبول جزيتهم .

والثاني : أن الصحابة أثبتوا هذا الحديث في قبول جزيتهم ولم يجوزوا به أكل ذبائحهم ونكاح نسائهم .

وأما تزويج حذيفة بمجوسية فالمروي أنها كانت يهودية ، ولو كانت مجوسية فقد استنزله عنها عمر فنزل ، ولو كانت تحل له لما استنزله عنها عمر ولما نزل عنها حذيفة وأما قياسه على اليهود والنصارى فالمعنى فيهم تمسكهم بكتابهم فثبت حرمته فيهم وليس كذلك المجوس .

وأما قوله : إن حكم المرفوع والمنسوخ سواء ، فليس بصحيح ؛ لأن المنسوخ باقي التلاوة فنفيت حرمته فيهم ، وليس كذلك المجوسي ، وأما المرفوع مرفوع التلاوة فارتفعت حرمته هذا الكلام فيمن له شبهة بكتاب من الصابئين ، والسامرة ، والمجوس .

فأما من تمسك بصحف شيث أو زبور داود ، أو شيء من الصحف الأولى ، أو من زبر الأولين فلا يجري عليه حكم أهل الكتاب ، ويكونوا كمن لا كتاب له فلا تقبل لهم جزية ولا تؤكل لهم ذبيحة ولا تنكح فيهم امرأة لأمرين :

أحدهما : أن هذه الكتب مواعظ ووصايا ، وليس فيها أحكام وفروض فخالفت التوراة والإنجيل .

والثاني : ليست كلام الله ، وإنما هي وحي منه كما قال النبي ( ص ) : ‘ أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي ، أو من تبعني أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية ‘ ، فكان ذلك وحياً من الله ، ولم يكن من كلامه ، فخرج عن حكم القرآن الذي تكلم به كذلك هذه الكتب والله أعلم .

مسألة

قال الشافعي : ‘ فإذا نكحها فهي كالمسلمة فيما لها وعليها إلا أنهما لا يتوارثان والحد في قذفها التعزير ‘ .

قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا أنكح المسلم كتابية ، فمالها وعليها من حقوق العقد كالمسلمة ، لعموم قوله تعالى : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) ( البقرة : 238 ) ؛ ولأنه عقد معاوضة فاستوى فيه المسلم ، وأهل الذمة كالإجارات ، والبيوع ،