پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص216

مواصلة النسب ؛ ولأنه لما انتفى عن وطء الزنا ما يتعلق بوطء النكاح من الإحصان ، والإحلال ، والعدة ، والنسب انتفى عنه ما يتعلق به من تحريم المصاهرة ولأنه لو ثبت تحريم المصاهرة بما حرم من الوطء ، والقبلة ، والملامسة بشهوة لما شاءت المرأة أن تفارق زوجها إذا كرهته إذا قدرت على فراقه بتقبيل ابنه فيصير الفراق بيدها ، وقد جعله الله بيد الزوج دونها ولا يبطل هذا بالردة ؛ لأنه ما يلزمها من القتل بالردة أعظم مما تستفيده من الفرقة فلم تخلص لها الفرقة بالردة وخلصت لها بالقبلة .

فأما الجواب عن قوله تعالى : ( وَلاَ تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آباؤُكُمْ ) ( النساء : 2 ) فهو أن النكاح حقيقة في العقد فجاز في الوطء ، ألا ترى إلى قوله تعالى : ( يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا نَكَحْتُمْ المُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَقْتُمُوهَنَّ مِنْ قَبْلِ أنْ تَمَسُوهُنَّ ) ( الأحزاب : 49 ) وقوله تعالى : ( وَأَنكِحُواْ الأيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ ) ( النور : 32 ) يريد به العقد دون الوطء ثم لو تناول الوطء مجازاً عندنا وحقيقة عندهم فجاز أن يكون محمولاً على حلاله مخصوصاً في حرامه بدليل ما ذكرنا .

وأما احتجاجهم بما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ لا ينظر الله إلى رجل نظر إلى فرج امرأة وبنتها ‘ فعنه جوابان :

أحدهما : أنه مروي عن وهب بن منبه أنه مكتوب في التوراة فلم يلزمنا لنسخها بالقرآن .

والثاني : أن ما تضمنه من الوعيد متوجه إليه في الحرام دون الحلال ؛ لأن أحدهما لا محالة حرام .

وأما احتجاجهم بقوله ( ص ) : ‘ من كشف خمار امرأة حرمت عليه أمها وبنتها ‘ فلا دليل في ظاهره فعمل بموجبه ؛ لأن كشف الخمار لا يحرم عليه أمها ولا بنتها فإن عدلوا به عن ظاهره إلى الوطء ، عدلنا به إلى حلال الوطء أو شبهته .

وأما قياسهم بأنه وطء مقصود كالنكاح ، فليس لقولهم وطء مقصود تأثير في الحكم ، لأن وطء العجوز الشوهاء غير مقصود ، وهو في تحريم المصاهرة كوطء الشابة الحسناء ، وإذا سقط اعتباره لعدم تأثيره انتقض بوطء الميتة ثم المعنى في النكاح أنه أوجب لحوق النسب فلذلك أوجب تحريم المصاهرة ، وليس كذلك الزنا ، وكذلك الجواب عن قياسهم على وطء الشبهة .

وأما قياسهم على الرضاع بعلة أنه فعل يتعلق به التحريم فمنتقض بالعقد يفترق حكم محظوره الفاسد ومباحه الصحيح .

وإن قيل : فالعقد قول ، وليس بفعل .

قيل ؛ القول فعل ثم المعنى في الرضاع أنه لما تعلق لمحظوره شابه أحكام المباح لم يتعلق به تحريم المصاهرة .