الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص215
ومن التابعين : سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والزهري .
ومن الفقهاء : مالك ، وربيعة ، وأبو ثور .
وقال أبو حنيفة : الزنا كالحلال في تحريم المصاهرة ، فإذا زنا بامرأة حرمت عليه أمها وبنتها ، وحرمت على أبيه وابنه ، ولو زنا بامرأة أبيه أو ابنه بطل نكاحها ، وكذلك لو قبلها ، أو لمسها ، أو تعمد النظر إلى فرجها بشهوة بطل نكاحها على أبيه وابنه ، وحرم عليها أمها وبنتها ، وهو قول الثوري وأحمد ، وإسحاق وحكي نحوه عن عمران بن الحصين ، وزاد الأوزاعي فقال : إذا تلوط الرجل بغلام حرمت عليه أمه وبنته ، وحرم على الغلام أمه وبنته ، واستدلوا جميعاً بعموم قول الله تعالى : ( وَلاَ تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ ) ( النساء : 22 ) والنكاح حقيقة في الوطء ، فاقتضى عموم الوطء تحريم التي وطئها الأب .
قالوا : وقد روى ابن عباس : أن النبي ( ص ) قل : ‘ لا ينظر الله إلى رجل نظر إلى فرج امرأة وبنتها ‘ فاقتضى إذا نظر إلى فرج امرأة في الزنا أن لا ينظر إلى فرج ابنتها في النكاح .
وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ من كشف خمار امرأة حرم عليه أمها وبنتها ‘ فكان على عمومه في كشف الخمار لنكاح أو زنا ، قالوا : ولأنه وطء مقصود فوجب أن يتعلق به تحريم المصاهرة كالنكاح ، ولأنه تحريم يتعلق بالوطء المباح فوجب أن يتعلق بالوطء المحظور قياساً على وطء الشبهة ؛ ولأنه فعل يتعلق به التحريم فوجب أن يستوي حكم محظوره ومباحه كالرضاع .
ودليلنا قوله تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ المَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً ) ( الفرقان : 54 ) فجمع بين المائين الصهر ، والنسب ، فلما انتفى عن الزنا حكم النسب انتفى عنه حكم المصاهرة وروى نافع عن ابن عمر عن النبي ( ص ) قال : ‘ الحرام لا يحرم الحلال ‘ .
وروي عن الزهري عن عائشة قالت : سئل رسول الله ( ص ) عن الرجل ينكح المرأة حراماً أينكح ابنتها أو ينكح البنت حراماً أينكح أمها ؟ فقال رسول الله ( ص ) : ‘ لا يحرم الحرام الحلال ، إنما يحرم ما كان بنكاح حلال ‘ وهذا نص لا يجوز خلافه .
ومن طريق القياس أنه وطء تمحض تحريمه فلم يتعلق به تحرم المصاهرة كوطء الصغيرة التي لا تشتهي ، ولأنه وطء لا يوجب العدة فلم يوجب تحريم المصاهرة كوطء الصغيرة والميتة ، ولأنه تحريم نكاح يتعلق بالوطء الصحيح فوجب أن ينتفي عن الزنا الصريح قياساً على تحريم العدة ، ولأنه وطء لا يتعلق به التحريم المؤقت فوجب أن يتعلق به التحريم المؤبد كاللواط ، ولأنه ما أوجب تحريم المصاهرة افترق حكم حلاله وحرامه كالعقد ، ولأن المواصلة التي ثبت في الوطء بالنكاح تنتفي عن الوطء بالزنا قياساً على