الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص214
باب ما جاء في الزنا لا يحرم الحلال من الجامع ومن اليمين مع الشاهد
مسألة
قال الشافعي رحمه الله : ‘ الزنا لا يحرم الحلال وقاله ابن عباس ( قال الشافعي ) : لأن الحرام ضد الحلال فلا يقاس شيءٌ على ضده قال لي قائلٌ يقول لو قبلت امرأته ابنه بشهوةٍ حرمت على زوجها أبداً لم قلت لا يحرم الحرام الحلال ؟ قلت من قبل أن الله تعالى إنما حرم أمهات نسائكم ونحوها بالنكاح فلم يجز أن يقاس الحرام بالحلال فقال أجد جماعاً وجماعاً قلت جماعاً حمدت به وجماعاً رجمت به وأحدهما نعمةٌ وجعله الله نسباً وصهراً وأوجب حقوقاً وجعلك محرماً به لأم امرأتك ولابنتها تسافر بهما وجعل الزنا نقمةً في الدنيا بالحد وفي الآخرة بالنار إلا أن يعفو أفتقيس الحرام الذي هو نقمة على الحلال الذي هو نعمةٌ ؟ وقلت له فلو قال لك قائلٌ وجدت المطلقة ثلاثاً تحل بجماع زوجٍ فأحلها بالزنا لأنه جماعٌ كجماع كما حرمت به الحلال لأنه جماع وجماعٌ قال إذا تخطئ لأن الله تعالى أحلها بإصابة زوجٍ قيل وكذلك ما حرم الله تعالى في كتابه بنكاح زوجٍ وإصابة زوجٍ قال أفيكون شيءٌ يحرمه الحلال ولا يحرمه الحرام فأقول به ؟ قلت نعم ينكح أربعاً فيحرم عليه أن ينكح من النساء خامسةً أفيحرم عليه إذا زنى بأربعٍ شيءٌ من النساء قال لا يمنعه الحرام مما يمنعه الحلال ( قال ) وقد ترتد فتحرم على زوجها ؟ قلت نعم وعلى جميع الخلق وأقتلها وأجعل مالها فيئاً ( قال ) فقد أوجدتك الحرام يحرم الحلال قلت أما في مثل ما اختلفنا فيه من أمر النساء فلا ( قال المزني ) رحمه الله تركت ذلك لكثرته وأنه ليس بشيءٍ ‘ .
قال الماوردي : قد مضى الكلام في تحريم المصاهرة بعقد النكاح وفي تحريمها بوطء الإماء ، كذلك الوطء بالشبهة يوجب من تحريم المصاهرة مثل ما يوجبه الوطء الحلال في عقد نكاح أو ملك يمين ؛ لأنه لما ساماه في سقوط الحد ولحوق النسب ساواه في تحريم المصاهرة .
فأما وطء الزنا فلا يتعلق به تحريم المصاهرة بحال ، فإذا زنا الرجل بامرأة لم تحرم عليه أمها ولا بنتها ولم يحرم على أبيه ولا على ابنه .
وبه قال من الصحابة علي بن أبي طالب ، وعبد الله بن عباس .