الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص212
والملك قد يرتفع فراش الأمة باستبرائها مع بقاء الملك ولا يرتفع فراش المنكوحة مع بقاء العدة .
والثالث : أن فراش المنكوحة ثبت حقاً لها ، وعليها من طلاق وظهار وإيلاء ولعان ، ولا يثبتها فراش الملك .
والرابع : أنه قد يصح أن يملك أمته غيره ، ولا يصح أن يملك زوجته غيره ، وإذا كان فراش النكاح أقوى من فراش الملك بما ذكرنا من هذه المعاني الأربعة وجب إذا اجتمع الأقوى والأضعف أن يكون حكم الأقوى أثبت سواء تقدم أو تأخر كما لو اجتمع عقد نكاح وعقد ملك بأن تزوج ثم اشتراها بطل عقد النكاح بعد الملك ؛ لأن عقد الملك أقوى من عقد النكاح ، وإن كان فراش النكاح أقوى من فراش الملك ؛ لأن عقد الملك على المنفعة والرقبة ، وعقد النكاح على المنفعة دون الرقبة ، فلما غلب في العقدين أقواهما وهو الملك وجب أن يغلب في الفراشين أقواهما ، وهو النكاح ، وإنما يراعى الأسبق فيما استوت قوته وضعفه كعقدي نكاح أو فراشي ملك فبطل ما استدل به مالك .
قال الماوردي : وهذا صحيح يجوز أن يجمع الرجل بين المرأة وزوجة أبيها وزوجة ابنها ، وهذا قول جمهور أهل العلم إلا ابن أبي ليلى فإنه منع منه استدلالاً بأنهما امرأتان لو كان إحداهما رجلاً حرم عليه نكاح الأخرى لأنها تكون امرأة أبيه أو حليلة ابنه فحرم الجمع بينهما ، كما حرم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها للمعنى المذكور ، وهذا خطأ ، لما روي أن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، وعبد الله بن صفوان بن أمية جمع كل واحد منهما بين امرأة رجل وبنته من غيره فلم ينكر ذاك أحد من علماء عصره ، فكان إجماعاً ؛ ولأن تحريم الجمع إنما يثبت بين ذوي الأنساب حفظاً لصلة الأرحام ، وأن لا يتقاطعن بالتباغض والعقوق ، وليس بين هاتين نسب ولا رضاع يجري عليه حكم النسب فلم يحرم الجمع بينهما كسائر الأجانب ، وخالف ذوي الأنساب .