الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص190
أحدها : أنها نزلت مخصوصة في رجل من المسلمين استأذن رسول الله ( ص ) في امرأة يقال لها أم مهزول من بغايا الجاهلية من ذوات الرايات ، وشرطت له أن تنفق عليه فأنزل الله هذه الآية فيه وهذا قول عبد الله بن عمرو ومجاهد .
والقول الثاني : أن المراد بالآية أن الزاني لا يزني إلا بزانية والزانية لا يزني بها إلا زان ، وهذا قول ابن عباس .
والقول الثالث : أن الولاية عامة في تحريم نكاح الزانية على العفيف ، ونكاح العفيفة على الزاني ثم نسخه قوله تعالى : ( فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاء ) وهذا قول سعيد بن المسيب .
ودليلنا مع ما قدمناه من حديث عائشة ما رواه أبو الزبير عن جابر قال : جاء رجل إلى النبي ( ص ) فقال إن امرأتي لا ترد يد لامس قال : طلقها قال : إني أحبها ، قال استمتع بها ، فكني بقوله : ‘ لا ترد يد لامس ‘ عن الزنا فأمره بطلاقها ولو انفسخ نكاحها بالزنا لما احتاج إلى طلاق ثم لما أخبره أنه يحبها أذن له في الاستمتاع بها ، ولو حرمت عليه لنهاه عن الاستمتاع بها ولأعلمه تحريمها .
فإن قيل : فالمراد بقوله ‘ لا ترد يد لامس ‘ أنها لا ترد متصدقاً طلب منها ماله .
قيل : هذا خطأ من وجهين :
أحدهما : أنه لو أراد هذا لقال لا ترد يد ملتمس لأن الطالب يكون ملتمساً واللامس يكون مباشراً فلما عدل إلى يد لامس خرج عن هذا التأويل .
والثاني : أنها لو كانت تتصدق بماله لما خرج قوله فيها مخرج الذم ولما أمر بطلاقها ولأمره بإحراز ماله منها .
وروي أن رجلاً قال يا رسول الله إن امرأتي ولدت غلاماً أسوداً فقال النبي ( ص ) لعل عرقاً نزعه فكان ذلك منه كناية عن زناها بأسود فلم يحرمها عليه ، ولأن العجلاني أخبر رسول الله ( ص ) أنه وجد مع امرأته رجلاً فلاعن بينهما ولم يجعلها بالزنا حراماً .
وروي أن النبي ( ص ) قال : ‘ لا تزنوا فتزني نساؤكم فإن بني فلان زنوا فزنت نساؤهم ‘