پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص161

خالفه في تغليظه بصريح اللفظ دون معناه ، ولأن قوله نعم إقرار ، وبضع المنكوحة لا يملك بالإقرار فهذا حكم عقد النكاح بالبذل والقبول .

فصل

فأما عقده بالطلب والإيجاب فهو أن يبدأ الزوج فيقول للولي : زوجني بنتك على صداق ألف فيقول الأب : قد زوجتكها على هذا الصداق فيصح العقد ولا يحتاج الزوج إلى أن يعود فيقول : قد قبلت نكاحها ووافقه أبو حنيفة عليه ، وكذلك في البيع إذا ابتدأ المشتري فقال : بعني عبدك بألف ، فقال : قد بعتك هذا العبد بها صح البيع ولم يحتج المشتري أن يقول بعده قد قبلت ، وخالفه أبو حنيفة في البيع فقال : لا يصح حتى يعود المشتري فيقول : قد قبلت بخلاف النكاح ، وهذا خطأ ، لأن شروط النكاح أغلظ من شروط البيع ، فكان ما يصح به النكاح أولى أن يصح به البيع ، فإذا صح ما ذكرنا من تمام العقد بالطلب والإيجاب كتمامه بالبذل والقبول كان البذل هو ما ابتدأ به الولي ، والقبول ما أجاب به الزوج فإن الطلب ما ابتدأ به الزوج ، والإيجاب ما أجاب به الولي فيكون النكاح منعقداً من جهة الولي على أحد وجهين .

إما بالبذل إن كان مبتدئاً أو بالإيجاب إن كان مجيباً ، ومن جهة الزوج منعقد على أحد وجهين : إما بالطلب إن كان مبتدأ ، وبالقبول إن كان مجيباً فصار طلب الزوج في الابتداء قبولاً في الانتهاء ، وقبوله في الانتهاء طلباً في الابتداء ، وصار بذل الولي في الابتداء إيجاباً في الانتهاء وإيجابه في الانتهاء بذلاً في الابتداء ، وإذا كان كذلك لم يخل إيجاب الولي بعد طلب الزوج من ثلاثة أحوال كما ذكرنا في قبول الزوج بعد بذل الولي :

إحداها : أن يقول : الولي قد زوجتكها على هذا الصداق الذي بذلته فينعقد النكاح على الصداق والذي سماه الزوج ، وهو ألف .

والحال الثانية : أن يقول الولي قد زوجتكها ولا يقول على هذا الصداق فيصح العقد ولا يلزم فيه ذلك المسمى من الصداق ، لأن الولي ما صرح بالإجابة إليه ، وعند أبي حنيفة يكون منعقداً على الصداق المبذول وإذا بطل المسمى عندنا كان لها مهر المثل فلو كان الأب ، قال : زوجتكها على صداق ألفين لم يلزم واحد من الصداقين ، وكذلك عند أبي حنيفة ، ويكون لها مهر المثل ، ولو كان الأب قال : قد زوجتكها على صداق خمسمائة لم يلزم واحد من الصداقين عندنا .

وقال أبو حنيفة : يلزم أقلهما ويصير الأب مبرئاً له من الزيادة .

والحال الثالثة : أن يقول الولي بعد طلب الزوج : قد فعلت ، أو يقول : قد أجبتك ولا يقول : قد زوجتكها ، فلا ينعقد النكاح عندنا قولاً واحداً بخلاف ما ذكرنا من القولين في قبول الزوج .

والفرق بينهما : أن الولي هو المملك لبضع المنكوحة والزوج هو المتملك فكان اعتبار