الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص106
المال وإذا كان كذلك فإن كانوا من أهل الأمصار الذين يتفاخرون ويتكاثرون بالأموال دون الأنساب فالمال فيهم معتبر في شرط الكفاءة ، وإن كانوا من البوادي وعشائر القرى يتفاخرون ويتكاثرون بالأنساب دون الأموال ففي اعتبار المال في شرط الكفاءة بينهم وجهان :
أحدهما : أنه شرط معتبر كأهل الأمصار ، لما فيه من القدرة على أمور الدنيا .
والوجه الثاني : أنه ليس بشرط معتبر ، لأنه يزول فيفتقر الغني ويستغني الفقير وقد روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ خير الناس مؤمن فقير يعطي جهده ‘ يعني مقلاً ليس له إلا ما يزهد فيه لقلته .
وروي عنه ( ص ) أنه قال : ‘ خير أمتي الذين لم يوسع عليهم حتى يبطروا ولم يقتر عليهم حتى يسألوا ‘ ، ثم إذا جعل المال شرطاً في الكفاءة ليس التماثل في قدره معتبراً حتى لا يتكافئ من ملك ألف دينار إلا من ملك مثلها ولكن أن يكونا موصوفين بالغنى فيصيرا كفئين ، وإن كان أحدهما أكثر مالاً ، ولا يعتبر فيه أيضاً التماثل في أجناس المال بل إذا كان مال أحدهما دنانير ، ومال الآخر عقاراً أو عروضاً كانا كفئين .
وأما الشرط السادس : هو السن مما لم يختلفا في طرفيه فهو غير معتبر في الكفاءة فيكون الحدث كفؤاً للشاب والشاب كفؤاً للكاهل ، والكهل كفؤاً للشيخ ، ولكن إذا اختلفا في طرفيه فكان أحدهما في أول سنه كالغلام والجارية ، والأخرى في غاية سنة كالشيخ والعجوز ففي اعتباره في الكفاءة وجهان :
أحدهما : أنه شرط معتبر فلا يكون الشيخ كفؤاً للطفلة ولا العجوز كفؤاً للطفل لما بينهما من التنافي التباين ، وإن مع غايات السن تقل الرغبة ويعدم المقصود بالزوجية .
والوجه الثاني : غير معتبر ، لأنه قد يطول عمر الكبير ويقصر عمر الصغير ، وربما قدر الكبير من مقصود النكاح على ما يعجز عنه الصغير ، ولأن مع نقص الكبير فضلاً لا يوجد في الصغير .
فأما الشرط السابع : هو السلامة من العيوب ، فهي العيوب التي رد بها عقد النكاح وهي خمسة تشترك الرجال والنساء منها في ثلاثة : وهي الجنون ، والجذام ، والبرص .
ويختص الرجال منها اثنتين هما : الجب والخصاء ، وفي مقابلتهما من النساء القرن