الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص105
يصر المولي كفؤاً للحرة الأصل ، وعلى هذين الوجهين إذا كان أحدهما مولى لعربي والآخر مولى لنبطي ، فإن قيل مولى القبيلة كفءٌ لها في النكاح لم يكن مولى النبطي كفؤاً لمولى العربي ، وإن قيل لا يكون كفئاً لها كان مولى النبطي كفئاً لمولى العربي .
فأما الشرط الرابع : وهو الكسب فإن الناس يتفاضلون به قال الله تعالى : ( وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ ) ( النحل : 71 ) . فيه تأويلان :
أحدهما : أنه فضل بعضهم على بعض في قدر الرزق فبعضهم موسع عليه ، وبعضهم مضيق عليه .
والثاني : أنه فضل بعضهم على بعض في أسباب الرزق فبعضهم يصل إليه لعز ودعة وبعضهم يصل إليه بذل ومشقة ، وفي قوله تعالى : ( فَإنْ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً ) ( طه : 124 ) . ثلاثة تأويلات :
أحدها : أنه الرزق الضيق .
والثاني : أنه الكسب الحرام .
والثالث : أنه إنفاق من لا يوقن بالخلف ، والمكاسب تكون في العرف المألوف من أربع جهات بالزراعات والتجارات ، والصناعات ، والحمايات ، ولكل واحد منها رتب متفاضلة وكل واحد منها يفضل بعضها على غيره بحسب اختلاف البلدان والأزمان ، وإن في بعض البلدان التجارات ، وفي بعضها الزراعات أفضل ، وفي بعض الأزمان حماة الأجناد أفضل ، وفي بعضها أقل فلأجل ذلك لم يمكن أن يفضل بعضها في عموم البلدان والأزمان ، وإنما يراعى فيها العرف والعادة ، والأفضل منها في الجملة ما انحفظت به أربعة شروط ، أن لا تكون مترذل الصناعة كالحائك ، ولا مستخبث الكسب كالحجام ، ولا ساقط المروءة كالحمال ولا مبتذلاً كالأجير فمن انحفظت عليه في مكاسبه هذه الشروط الأربعة لم يكافئه في النكاح من أخل بها من حجام وكناس قيم وحائك فالعرق في اعتبار هذه الشروط الأربعة هو المحكم .
وأما الشرط الخامس : وهو المال فلقوله ( ص ) : ‘ تنكح المرأة لأربع لمالها ‘ .
ولما روي عنه ( ص ) أنه قال : ‘ إن أحساب أهل الدنيا هذا المال ‘ .
وقد قيل في تأويل قوله تعالى : ( وَإنَّهُ لِحُبِّ الخَيْرِ لَشَدِيد ) ( العاديات : 8 ) . يعني