الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص103
لي : قلبت مشاق الأرض ومغاربها فلم أر أفضل من محمد وقلبت مشارق الأرض ومغاربها فلم أر أفضل من بني هاشم ولأن قريشاً لما شرفت برسول الله ( ص ) على سائر العرب كان أقربهم برسول الله ( ص ) أشرف من سائر قريش ، ولأنهم لما ترتبوا في الديوان بالقرب حتى صاروا فيه على عشر مراتب دل على تمييزهم بذلك في الكفاءة وإذا كان كذلك فجميع بني هاشم ، وبني المطلب أكفاء ، لأن النبي ( ص ) جمع بينهم في سهم ذوي القربى ، وجمع عمر رضي الله تعالى عنه بينهم في الديوان ، ثم يليهم سائر بني عبد مناف ، وبني زهرة ، ولا يفضل بني عبد شمس في كفاءة النكاح على بني نوفل ، ولا بني عبد العزى على بني عبد الدار ولا بني عبد مناف على بني زهرة ، وإن فعلنا ذلك في وضع الديوان لأمرين :
أحدهما : أنه يشق اعتباره في كفاءة النكاح ولا تشق اعتباره في وضع الديوان .
والثاني : أن الكفاءة معتبرة في البطون الجامعة لا في الأفخاذ المتفرقة ، لأننا إن لم نعد إلى بني أب أبعد صارت المناكح مقصورة على بني الأب الأقرب فضاقت ، ثم جمعنا بين بني عبد مناف وبني زهرة في كفاءة النكاح ، وإن لم يكونا بطناً واحدة لرواية الأوزاعي أن النبي ( ص ) قال : ‘ صريح قريش ابناً كالأب ‘ يعني بني قصي ، وبني زهرة ، ولأن النبي ( ص ) يرجع على قصي بأبيه وآلى زهرة بأمه فتقاربا في الكفاءة بأبويه ( ص ) ثم يلي عبد مناف وبني زهرة سائر قريش فيكونوا جميعاً أكفاء ، فلو كان فيهم بنو أب له سابقة في الإسلام فهل تكافئهم الباقون من قومهم كبني أبي بكر هل يكافئهم قومهم من بني تميم ، وكبني عمر هل يكافئهم قومهم من بني عدي يتحمل وجهين :
أحدهما : أن يكونوا أكفاءهم بجدتهم قد كانوا قبل الكثرة والقدرة على إنكاح بني أبينهم أكفاء لعشائرهم ، فكذلك بعد الكثرة والقدرة .
والوجه الثاني : لا يكونوا أكفاءهم لما قد تميزوا من فضل الشرف والسابقة ولا يمتنع أن يكونوا قبل الكثرة أكفاء غير متميزين ، وبعد الكثرة متميزين كما تميزت بنو هاشم بعد الكثرة وإن لم يتميزوا قبل الكثرة ، ثم اختلف أصحابنا في موالي قريش هل يكونوا أكفاء في النكاح على وجهين من اختلاف الوجهين من موالي ذوي القربى هل يشاركونهم في سهمهم من الخمس ؟ فهذا الكلام في قريش .
فأما سائر العرب سوى قريش فهم على اختلاف أصحابنا في قريش ، فعلى قياس قول البصريين أن جميعهم أكفاء من عدنان وقحطان ، لأن في عدنان سابقة المهاجرين ، وفي قحطان سابقة الأنصار وعلى قياس قول البغداديين : إنهم يتفاضلون ولا يتكافؤون فتفضل مضر في الكفاءة على ربيعة ، ويفضل عدنان على قحطان اعتباراً بالقرب من رسول الله ( ص ) وقد سمع عليه السلام رجلاً ينشد .
فقال عليه الصلاة والسلام : ذاك أهون لقدرك وأبعد لك من الله ، فلو تقدمت قبيلة من