الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص75
وأما المكاتب فليس لسيده إجباره على النكاح ، لما فيه من إلزامه المهر والنفقة في كسبه ، وأما إذا دعى سيده إلى النكاح ، فهل يجبر السيد عليه إن قيل إنه يجبر على تزويج عبده فأولى أن يجبر على تزويج مكاتبه ، وإن قلنا إنه لا يجبر على تزويج عبده ففي إجباره على تزويج مكاتبه وجهان :
أحدهما : لا يجبر عليه كما لا يجبر على تزويج عبده .
والوجه الثاني : أنه يجبر على تزويج مكاتبه ، وإن لم يجبر على تزويج عبده .
والفرق بينهما أن اكتساب العبد لسيده فلم يجبر على تزويجه لما يلحقه من التزام المهر والنفقة ، واكتساب المكاتب لنفسه فأجبر السيد على تزويجه ؛ لأنه لا يؤول إلى التزام المهر والنفقة .
قال الماوردي : إذا أذن السيد لعبده في النكاح فنكح ، فقد وجب المهر بالعقد ، والنفقة بالتمكين ، ولوجوبها محل معتبر بحال العبد وللعبد ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يكون مكتسباً .
والثاني : أن يكون مأذوناً له في التجارة .
والثالث : أن يكون غير مكتسب ولا مأذوناً له في التجارة ، فإن كان مكتسباً فالمهر والنفقة في كسبه ؛ لأن الإذن بالنكاح إذن به وبموجبه وأولى ما تعلق ذلك بكسبه ، لأنه منه وإليه فإن قيل : أفليس لو أذن لعبده في التجارة فلزمه فيها دين زاد على ما بيده كان في ذمة العبد يؤديه بعد عتقه فهلا استويا ؟ .
قيل : الفرق بينها : أن الإذن بالتجارة معقود بالاكتساب ، والدين ضد الاكتساب فصار غير مأذون فيه فلذلك تعلق بذمته بعد عتقه والإذن بالنكاح معقودة الاستمتاع الموجب للمهر والنفقة فصار المهر والنفقة من موجبات إذنه فلذلك تعلق بكسبه دون ذمته .