پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص12

والثالث : أن يوفي فيه الصداق ويدفع فيه المتعة فإن طلق المختارة منهن أقل من ثلاث فهل يقع طلاقها بائناً لا يملك فيه الرجعة أم لا ؟ على وجهين :

أحدهما : أنه يكون كطلاق غيره من أمته رجعياً والوجه الثاني : أنه يكون بائناً لا رجعة فيه ، لأن الله تعالى غلظ عليه في التخيير فيغلظ عليه الطلاق ، وفي تحريمهن بذلك على التأبيد وجهان :

أحدهما : لا يحرمن على التأبيد يكون سراحاً جميلاً .

والوجه الثاني : قد حرمن على الأبد ، لأنهن اخترن الدنيا على الآخرة فلم يكن من أزواجه في الآخرة فهذا حكمهن إذا قيل إن تخيير النبي ( ص ) إنما كان تخييراً بين الدنيا والآخرة ، فأما إذا قيل وهو الأظهر من القولين أنه خيرهن بين الطلاق أو المقام فتخيير غيره من أمته يكون كناية يرجع فيه إلى نية الزوج في تخييرها وإلى نية الزوجة في اختيارها .

وقال مالك : وهو صريح ، فإن لم تختر نفسها كان صريحاً في طلقه بائن .

وقال أبو حنيفة : إن لم تختر نفسها لم تطلق وإن اختارت نفسها كان صريحاً في طلقه بائن لا يرجع فيه إلى نية أحد منهما ، وللكلام عليهما موضع يأتي .

وأما تخيير النبي ( ص ) ففيه وجهان :

أحدهما : أنه كناية لتخيير غيره يرجع فيه إلى نيتهما .

والوجه الثاني : أنه صريح في الطلاق لا يراعى فيه النية لخروجه مخرج التغليظ على نبيه ثم هل يكون بائناً يوجب تحريم الأبد أم لا ؟ على ما ذكرنا من الوجهين ، ثم تخيير غيره من أمته يراعى في اختيار الزوجة على الفور فمتى تراخى اختيارها بطل ، لأنه يجري مجرى الهبة في تعجيل قبولها على الفور ، فأما تخيير النبي ( ص ) لهن في هذه الحال ففيه وجهان :

أحدهما : يراعى فيه تعجيل الاختيار على الفور ، فإن تراخى بطل حكمه ، لما ذكرنا من اعتبار بقبول الهبة التي هو وغيره من أمته فيها سواء .

والوجه الثاني : أن اختيارهن على التراخي لما اختصصن به من النظر لأنفسهن بين الدنيا والآخرة ، ولأن النبي ( ص ) قال لعائشة : – رضي الله عنها – حين خيرها : ‘ استأمري أبويك ‘ فلولا أنه على التراخي لكان بالاستئمار يبطل الاختيار .

فصل

فأما أنه التخيير ففيها دلائل على خمسة أحكام :

أحدها : أن الزوج إذا أعسر بنفقة زوجته فلها خيار الفسخ .

والثاني : أن المتعة تجب للمدخول بها إذا طلقت .

والثالث : جواز تعجيلها قبل الطلاق وكذلك تعجيل حقوق الأموال قبل الوجوب .

والرابع : أن السراح صريح في الطلاق .

والخامس : أن المتعة غير مقدرة شرعاً ، والله أعلم .