الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص9
والثاني : أنه خص بانتهاء الوحي وختم النبوة حتى لا ينزل بعده وحي ولا يبعث بعده نبي فصار خاتماً للنبوة مبعوثاً إلى الخلق كافةً حتى بعث إلى الإنس والجن ، وقال ( ص ) : ‘ بعثت إلى الأحمر والأسود ‘ وفيه تأويلان :
أحدهما : إلى العرب والعجم .
والثاني : إلى الإنس والجن .
والثالث : أنه خص بالوحي الذي هو القرآن المعجز الذي يبقى إعجازه إلى آخر الدهر ويعجز عن معارضته أهل كل عصره ، وليس فيما أوحى إلى من قبله من الأنبياء إعجاز يبقى فصار بهذا الوحي مخصوصاً .
أحدها : أنهم الأمراء وهو قول ابن عباس .
والثاني : هم العلماء ، وهو قول جابر .
والثالث : هم أصحاب رسول الله ( ص ) وهو قول مجاهد ، فأوجب طاعة أولي الأمر كما أوجب طاعة الرسول ( ص ) فأين موضع الإبانة بينه وبين خلقه بما فرض عليهم من طاعته ؟ وعن ذلك ثلاثة أجوبة :
أحدها : أن طاعة أولي الأمر من طاعة الرسول لتباينهم عنه ، وقيامهم مقامه فصار هو المخصوص بها دونهم .
والثاني : أن طاعة الرسول واجبة في أمور الدين والدنيا وطاعة أولي الأمر مختصة بأمور الدنيا دون الدين فتميز عنهم بوجوب الطاعة .
والثالث : أن طاعة الرسول باقية في أوامره ونواهيه إلى قيام الساعة وطاعة أولي الأمر مختصة بمدة حياتهم وبقاء نظرهم ، فكان هذا موضع الإبانة بينه وبينهم .
وهذا صحيح أن الله تعالى خص رسوله ( ص ) بالرسالة وفرض الطاعة حتى يميز بهما على جميع المخلوقات وميزه عنهم في أحكام الدين من وجهين :
أحدهما : تغليظ .
والآخر : تخفيف .
فأما التغليظ فهو أن فرض عليه أشياء خففها عن خلقه ، وذلك لأمرين :