الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص510
ويكون عليه دينان دين الحمالة ودين عن معاملته فعليه أن يصرف ما أخذه في دين الحمالة ولا يصرفه في دين المعاملة ، ولو قد أخذ مع الفقر في دين المعاملة كان بالخيار في أن يصرفه فيما شاء في دين المعاملة أو دين الحمالة ، والفرق بينهما أن الشرط في دين المعاملة أغلظ ؛ لأنه لا يستحقه إلا بالفقر ودين الحمالة ، أخف لأنه يستحقه مع الغنى والفقر فجاز أن يصرف ما غلظ شرط استحقاقه فيما خف شرطه ، ولم يجز أن يصرف ما خف شرط استحقاقه فيما غلظ شرطه ، فإذا أراد الغارم أن يصرف ما أخذه في غير دينه لم يجز لاستحقاقه في الدين إلا أن يعدم قوت يومه فيجوز أن يأخذ منه قوت يومه وحده ؛ لأنه غير مستحق في دينه كالمفلس يقسم ماله بين غرمائه إلا قوت يومه .
أحدهما : لا يسترجع منه لأنه لو استرجع لجاز أن يرد إليه .
والوجه الثاني : أنه يسترجع لأنه يصير كالمستسلف له قبل غرمه والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا صحيح والذي قصده الشافعي بذلك أن يبين من يقبل قوله من أهل السهمان في استحقاق الصدقة ومن لا يقبل قوله إلا ببينة ونحن نذكر حكم كل صنف من الأصناف الثمانية .
أما الفقراء والمساكين فإن لم يعلم لهم غناء متقدم قبل قولهم في الفقر والمسكنة من غير بينة ، وإن علم لهم مال متقدم لم يقبل قولهم في تلفه وفقرهم إلا ببينة تشهد لهم بذلك .
وأما العاملون عليها فحالهم في العمل أشهر من أن يحتاجوا إلى بينة أو تحليف يمين .
وأما المؤلفة قلوبهم فلا يرجع إلى قولهم لأنهم ممن تدعو الضرورة إليهم بظهور الصلاح وتآلفهم .
وأما المكاتبون فلا يقبل قولهم في دعوى الكتابة إلا ببينة تشهد بها وبالباقي منها لأن الأصل أنهم غير مكاتبين فإذا تصادق المكاتب والسيد عليها وعلى الباقي منها ففيه وجهان :