پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص499

سهم المؤلفة ولم يبلغني أن عمر ولا عثمان ولا عليا رضي الله عنهم أعطوا أحدا تألفا على الإسلام وقد أغنى الله – فله الحمد – الإسلام عن أن يتألف عليه رجال ( وقال في الجديد ) لا يعطى مشرك يتألف على الإسلام لأن الله تعالى خول المسلمين أموال المشركين لا المشركين أموال المسلمين وجعل صدقات المسلمين مردودة فيهم ‘ .

قال الماوردي : وجملة ذلك أن مالكا وأبا حنيفة أسقطا سهم المؤلفة كما أسقط أبو حنيفة سهم ذي القربى للاستغناء بقوة الإسلام واستعلاء أهله على الفريقين ، وقد مضى الكلام في سهم ذوي القربى ، فأما سهم المؤلفة فهو باق على ما سنشرحه ، قال الله تعالى : ( والمؤلفة قلوبهم ) [ التوبة : 60 ] وتآلف النبي ( ص ) بذلك ، والمؤلفة قلوبهم على عهد النبي ( ص ) ضربان مسلمون ، ومشركون .

فأما المشركون فضربان :

أحدهما : أشراف مطاعون فيهم قوة وبأس وليس لهم في الإسلام نيات لكنهم إن أعطوا كفوا عن قتال المسلمين ، وعن أذاهم مجتازين ، أو مسافرين ، وإن لم يعطوا قاتلوهم وتتبعوهم بالأذى في أسفارهم ومساكنهم مثل عامر بن الطفيل فقد كان ذا غلظة على المسلمين ، وقتل أهل بني معونة وكان رسول الله ( ص ) يتآلفه ويستكفه فأتى المدينة وقال : يا محمد شاركني في أمرك ، وكنت أنت على المدر وأنا على الوبر ، فقال : لم يجعل الله ذلك لي قال والله لأملأنها عليك خيلا ورجالا ، فقال النبي ( ص ) يأبى الله ذلك عليك وأبناء قبيلة الأوس والخزرج يعني الأنصار فخرج من عنده بأخبث نية فأخذته غدة مات بها وقد نزل على امرأة من سلول قال : وهو يجود بنفسه غدة كغدة البعير وموت في بيت سلولية .

والضرب الثاني : من الكفار أشراف ومطاعون لهم في الإسلام ونيات لم تخلص إن أعطوا قويت نياتهم في الإسلام فأسلموا ، وإن لم يعطوا بقوا على كفرهم مثل صفوان بن أمية فإنه كان ذا نية في الإسلام واستعار منه النبي ( ص ) أداة فأعاره مائة درع وحضر معه حنينا وقال قد انهزمت الصحابة في أول الوقعة أحسن مما قاله بعض المسلمون الذين أسلموا عام الفتح بمكة ، فإن أبا سفيان قال عند الهزيمة غلبت هوازن ، وقتل محمد فقال له صفوان بن أمية لفيك الحجر ، والله لرب قريش أحب إلي من رب هوازن ، فلما انجلت الوقعة واحيزت غنائم هوازن أعطاه النبي ( ص ) منها مائة بعير ، فلما رآها وقد امتلأ بها الوادي فقال هذا عطاء من لا يخاف الفقر ثم أسلم بعد ذلك .

هذان الضربان من المشركين تألفهم رسول الله ( ص ) وفي جواز تآلفهم الآن بعد وفاته قولان :