الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص498
خالصا لنبيه ( ص ) فرده في مصلحة المسلمين ( واحتج ) بأن النبي ( ص ) أعطى المؤلفة يوم حنين من الخمس مثل عيينة والأقرع وأصحابهما ولم يعط عباس بن مرداس وكان شريفا عظيم الغناء حتى استعتب فأعطاه النبي ( ص ) ( قال الشافعي ) رحمه الله لما أراد ما أراد القوم احتمل أن يكون دخل على رسول الله ( ص ) منه شيء حين رغب عما صنع بالمهاجرين والأنصار فأعطاه على معنى ما أعطاهم واحتمل أن يكون رأى أن يعطيه من ماله حيث رأى أن يعطيه لأنه له ( ص ) خالصا للتقوية بالعطية ولا نرى أن قد وضع من شرفه فإنه ( ص ) قد أعطى من خمس الخمس النفل وغير النفل لأنه له وأعطى صفوان بن أمية ولم يسلم ولكنه أعاره أداة فقال فيه عند الهزيمة أحسن مما قال بعض من أسلم من أهل مكة عام الفتح وذلك أن الهزيمة كانت في أصحاب النبي ( ص ) يوم حنين أول النهار فقال له رجل غلبت هوازن وقتل محمد ( ص ) فقال صفوان بن أمية بفيك الحجر فوالله لرب من قريش أحب إلي من رب من هوازن ثم أسلم قومه من قريش وكان كأنه لا يشك في إسلامه والله تعالى أعلم ( قال الشافعي ) فإذا كان مثل هذا رأيت أن يعطى من سهم النبي ( ص ) وهذا أحب إلي للاقتداء بأمره ( ص ) ( ولو قال ) قائل كان هذا السهم لرسول الله ( ص ) فكان له أن يضع سهمه حيث يرى فقد فعل هذا مرة وأعطى من سهمه بخيبر رجالا من المهاجرين والأنصار لأنه ماله يضعه حيث رأى ولا يعطى أحدا اليوم على هذا المعنى من الغنيمة ولم يبلغنا أن أحدا من خلفائه أعطى أحدا بعده ولو قيل ليس للمؤلفة في قسم الغنيمة سهم مع أهل السهمان كان مذهبا والله أعلم ( قال ) وللمؤلفة في قسم الصدقات سهم والذي أحفظ فيه من متقدم الخبر أن عدي بن حاتم جاء إلى أبي بكر الصديق أحسبه بثلاثمائة من الإبل من صدقات قومه فأعطاه أبو بكر منها ثلاثين بعيرا وأمره أن يلحق بخالد بن الوليد بمن أطاعه من قومه فجاءه بزهاء ألف رجل وأبلى بلاء حسنا والذي يكاد يعرف القلب بالاستدلال بالأخبار أنه أعطاه إياها من سهم المؤلفة فإما زاده ترغيبا فيما صنع وإما ليتألف به غيره من قومه ممن لم يثق منه بمثل ما يثق به من عدي بن حاتم ( قال ) فأرى أن يعطى من سهم المؤلفة قلوبهم في مثل هذا المعنى إن نزلت بالمسلمين نازلة ولن تنزل إن شاء الله تعالى وذلك أن يكون العدو بموضع منتاط لا يناله الجيش إلا بمؤنة ويكون بإزاء قوم من أهل الصدقات فأعان عليهم أهل الصدقات إما بلية فأرى أن يقووا بسهم سبيل الله من الصدقات وإما أن لا يقاتلوا إلا بأن يعطوا سهم المؤلفة أو ما يكفيهم منه وكذا إذا انتاط العدو وكانوا أقوى عليه من قوم من أهل الفيء يوجهون إليه ببعد ديارهم وثقل مؤناتهم ويضعفون عنه فإن لم يكن مثل ما وصفت مما كان في زمن أبي بكر رضي الله عنه من امتناع أكثر العرب بالصدقة على الردة وغيرها لم أر أن يعطى أحد من