الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص492
وأما قوله : ‘ أعطوا السائل ولو جاء على فرس ‘ ، فهو دليلنا لأن أبا حنيفة يمنعه إذا كان ثمن فرسه نصابا ونحن نعطيه إذا كان محتاجا .
وأما قياسه على غير المكتسب فالمعنى فيه الحاجة والمكتسب غير محتاج .
وأما قوله : ‘ لما لم يكن الاكتساب كالمال في وجوب الحج والتكفير بالعتق كذلك في تحريم الزكاة ‘ فهو فاسد بنفقات الأقارب التي يجعل الاكتساب فيها كالمال ، ثم وجوب الحج والتكفير بالعتق يتعلقان بوجود المال والمكتسب غير واجد ، وتحريم الزكاة يتعلق بالكفاية والمكتسب مكتف وبالله التوفيق .
قال الماوردي : وهذا صحيح إذا تقرر فرق ما بين الفقير والمسكين بما ذكرنا فخص رجل ادعى فقرا مسكنة فللوالي على الصدقة ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يعلمه فقيرا فيدفع إليه لعلمه من سهم الفقراء ولا يكلفه ببينة ولا يمينا .
والحال الثانية : أن يعلمه غنيا فلا يدفع إليه من سهم الفقراء شيئا فإن ادعى تلف ماله لم يقبل قوله إلا ببينة ، فإن أقامها على تلف ماله الذي كان به غنيا سمعها من شاهدين أو شاهد وامرأتين ، وسواء كانت بينته من أهل المعرفة الباطنة أم لا ، وإن أقام البينة على فقره لم يسمعها إلا من أهل المعرفة الباطنة به ؛ لأنه قد يستر الغنى ويتظاهر بالفقر فلم تسمع منه البينة بعد تقدم العلم بغناه إلا ممن يعرف باطن أمره من أقاربه وجيرانه ، وقد روي عن النبي ( ص ) أنه قال لقبيصة بن المخارق ‘ إن المسألة حرمت إلا في ثلاث ذكر فيها أو رجل أصابته جائحة ‘ الخبر إلى أن قال حتى يشهد له ثلاثة من ذوي الحجى من قومه إن تدخلت له المسألة فاختلف أصحابنا في الثلاثة هل يكونون شرطا في بينته أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : أنه ( ص ) ذكر الثلاثة تغليظا ، وأن شهادة العدلين مجزئة .
والثاني : أن الثلاثة هاهنا شرط ، فعلى هذا هل يكون شهادة أو خبرا ؟ على وجهين :
أحدهما : أنها شهادة غلظت يراعى فيها عدالة الشهود في الحقوق لنقلها خلاف المعلوم .