الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص472
فأما الباطنة : فأرباب التجارات وسائر الأموال الباطنة فصاحبها بالخيار في تفريقها بنفسه أو دفعها إلى الإمام العادل ليتولى تفريقها بنفسه ولا يلزم دفعها إليه ، وهو قول الجمهور .
وأما الظاهرة ففيها قولان :
أحدهما : قاله في القديم إن على أربابها دفع زكاتها إلى الإمام ولا يجزئهم تفريقها بأنفسهم ، وبه قال مالك وأبو حنيفة .
والقول الثاني : وهو قوله في الجديد إن أربابها بالخيار في دفعها إلى الإمام أو تفريقها بأنفسهم ، ودليل قوله في القديم أن دفعها إلى الإمام واجب ، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة لقوله تعالى : ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم ) [ التوبة : 103 ] وإذا دلت هذه الآية على أن على الإمام الآخذ دلت على أن على الأرباب الدفع ، وقال ( ص ) : ‘ أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم فأردها على فقرائكم ‘ فدل ذلك من قوله على مثل ما دلت عليه الآية ، وقال أبو بكر رضي الله عنه في مانعي الزكاة لو منعوني عناقا أو عقالا مما أعطوا رسول الله ( ص ) لقاتلتهم عليه ، فوافقته الصحابة بعد مخالفته ، فدل على أن عليه الأخذ وعليهم الدفع بإجماع الصحابة ، ولأنه حق يتعلق بالمال الظاهر يصرف إلى الأصناف على أوصاف ، فوجب أن يكون تفرد الإمام به شرطا في إجزائه كالخمس .
ودليلنا ، قوله في الجديد إن تفرد أربابها بتفريقها يجوز لقوله تعالى : ( إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ) [ البقرة : 271 ] فجعل كلا الأمرين مجزءا وقوله تعالى : ( الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية ) [ البقرة : 274 ] فدل عموم الآيتين على جواز إخراج الصدقات فرضا ونفلا من غير تخصيص .
وروي أن أبا ثعلبة الخشني حمل صدقته إلى النبي ( ص ) فردها وحملها إلى أبي بكر فردها وحملها إلى عمر ، فردها ، فلو كان تفرده بإخراجها لا يجزئه لما استجاز رسول الله ( ص ) ردها عليه ، لأن فيه تضييعا لها من غير إجزاء ، ولأنه مال مخرج على وجه الطهرة فجاز أن ينفرد أربابه بإخراجه كالكفارات ؛ ولأن ما أخرج زكاة لم يجز دفعه إلى الإمام كالمال الباطن ، ولأن من جاز له أن ينفرد بإخراج زكاة المال الباطن جاز له أن ينفرد بإخراج زكاة المال الظاهر كالإمام .
وإن كان الإمام غائبا عن المال والعامل حاضرا ، فعلى رب المال أن يدفعها إلى