پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص446

أشهر نصفه ولا يجب أن يجعل للعطاء في السنة أكثر من وقتين ولا أن يجعله مشاهرة ، وإن قبض مال الفيء مشاهرة لأمرين :

أحدهما : لئلا يصير الجيش متشاغلا في كل السنة بالقبض والطلب .

والثاني : كي لا ينقطع عن الجهاد توقعا لحلول الشهور أو تتأخر عنهم إن خرجوا .

فإن قيل : أفيكون العطاء لما مضى من المدة أو لما يستقبل منها .

قيل : ليس هو لما مضى ولا لما يستقبل لأن أرزاق المقاتلة تجري مجرى الجعالة ، والوجوب متعلق بحصول المال والأداء مستحق بحلول الوقت وعلى القول الأول يكون الوجوب والأداء معا متعلقين بحصول المال والله أعلم .

فصل :

وأما جنس المال المعطى فلا بد أن يكون في جملة ما قدره من كفاياتهم طعام لأقواتهم وشعير لدوابهم وثياب لكسوتهم إلى غير ذلك مما يحتاج إليه أهل الأمصار فيجب اختلافها على قدر عاداتها ؛ فيقوم ما سوى الحنطة والشعير ورقا أو ذهبا ، فأما الحنطة والشعير فينظر فإن كان في مال الفيء المستحق حنطة وشعير قدره لهم حبا ، وأعطاهم إياه مع أرزاقهم من الورق والذهب ، وإن لم يكن في مال الفيء المستحق حنطة ولا شعير أعطاهم قسمته ورقا أو ذهبا بسعر وقته والورق أخص بالعطاء من الذهب لأمرين :

أحدهما : اتباع الأئمة الراشدين .

والثاني : أنه يصرف في قليل النفقات وكثيرها فلا يعدل عنه إلى الذهب إلا إذا كان مال الفيء ذهبا أو كان هو الأغلب في معاملات الناس ، فلو تعامل الناس بالفلوس لم يجعل مال العطاء فلوسا ، لأنها في المعاملات نادرة ولذلك خرجت عن أن يثبت فيها الربا ، وتجب فيها الزكاة .

مسألة :

قال الشافعي : ‘ ولم يختلف أحد لقيته في أن ليس للمماليك في العطاء حق ولا الأعراب الذين هم أهل الصدقة ‘ .

قال الماوردي : وهذا كما قال .

المملوك لا يفرد له في العطاء سواء قاتل مع سيده أو تشاغل بخدمته لكن يزاد السيد في عطائه لما يتكلفه من نفقة عبده ، وحكي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه أعطى العبيد في أيام خلافته فلما أفضى الأمر إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه حرمهم . ولم يعطهم وهو الأصح لأمرين :

أحدهما : أن العبد لا يملك وإنما هو عون لسيده عليه نفقته وكسوته وله كسبه .

والثاني : أنه ليس من أهل الجهاد فيعطي عطاء المجاهدين ألا تراه لو حضر الوقعة لم يتعين عليه القتال فيها .