پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص444

فإذا كشف عن أحوالهم في هذه الوجوه الخمسة عرف قدر كفايتهم فأثبتها أو جعلها مبلغ أرزاقهم في كل عام من غير صرف ولا تقصير ، وذلك قد يختلف بحسب اختلاف أحوالهم في الوجوه الخمسة ؛ فلذلك ما اختلف قدر أرزاقهم ، وإن وجبت بالتسوية بينهم في القيام بكفاياتهم ، وقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه بلغ بالعطاء خمسة آلاف درهما فمن الناس من زعم أن هذا أكثر من قدر الكفاية ولا يجوز أن يفرض للمقاتلة أكثر من كفايتهم ، وقيل : ليس هكذا لأن خمسة آلاف درهم مع بعد المغزى وغلاء الأسعار ليست بأكثر من كفاية ذي عيال ، فإذا ثبت ما ذكرنا من تقدير أرزاقهم بحسب كفاياتهم خرج ما يعطونهم منها على القولين في مصرف أربعة أخماس الفيء .

فإن قيل : إنه مصروف في مصالح المسلمين العامة أعطوا منه قدر أرزاقهم من غير زيادة ولا نقص ، فإن فضل عنها كان الفضل باقيا في بيت المال ، وإن نقص عنها كان الباقي لهم دينا على بيت المال ، وإن قيل : إن للجيش خاصة قسم بينهم على قدر كفاياتهم بزيادة ونقص .

مثاله : أن يكون رزق أحدهم الكافي له ألف درهم ، ورزق الآخر ألفي درهم ورزق الثالث الآخر ثلاثة آلاف درهم ورزق الرابع أربعة آلاف درهم فيكون رزق هؤلاء الأربعة عشرة آلاف درهم لصاحب الألف عشرها ولصاحب الألفين خمسها ولصاحب الثلاثة آلاف ثلاثة أعشارها ولصاحب الأربعة آلاف خمساها ، فينقسم الحاصل من أربعة أخماس الفيء على عشرة أسهم لصاحب الألف سهم ولصاحب الألفين سهمان ، ولصاحب الثلاثة آلاف ثلاثة أسهم ، وعلى هذا الحساب فإن كان المال عشرة آلاف درهم بقدر أرزاقهم فقد استوفوها ، وإن كان أكثر قسم جميعه على هذا أو كانت الزيادة لهم ، ولا يحتسب بما عليهم ، وإن كانت أقل كان النقصان عليهم لا يحتسب به لهم فيكون الفرق بين القولين من وجهين :

أحدهما : أنهم على القول الأول إذا اتسع المال لم يزادوا على أرزاقهم ، وعلى الثاني يزادون .

والوجه الثاني : من الفرق بينهما أنهما على القول الأول إذا ضاق المال يقضون بقية أرزاقهم وعلى الثاني لا يقضون .

فصل :

وينبغي لوالي الجيش أن يستعرض أهل العطاء في وقت كل عطاء فمن ولد له منهم زاده لأجل ولده ومن مات له ولد نقصه قسط ولده وإذا ينفس المولود زاده حالا بعد حال حتى يبلغ ، فإذا بلغ خرج من جملة الذرية ، وصار من المقاتلة ، فأثبته في الديوان ، وفرض له في العطاء رزقا ، وراعى حال من ينكح من الزوجات أو يطلق ومن يملك من العبيد والإماء أو يبيع ليزيده ممن نكح أو ملك وينقصه لأجل من طلق أو باع وكذا يراعي حال خيله في الشراء والبيع إلا أن يتجاوز قدر الحاجة في شراء العبيد والخيل فلا يزاد لأجلهم .