الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص443
العدو والذب عن البيضة ، والمنع من الحريم ، لأنهم القائمون بذلك بعد الرسول فملكوا بعده ما كان له ، وجملة المجاهدين ضربان : مرتزقة ، ومتطوعة .
فأما المرتزقة فهم الذين فرغوا أنفسهم للجهاد فلم يشاغلوا إلا به ، وثبتوا في الديوان فصاروا جيشا للمسلمين ومقاتلة للمشركين فهؤلاء يرزقون من أربعة أخماس الفيء ، ولا حق لهم في الصدقات وأما المتطوعة فهم أرباب المعائش والصنائع والأعراب الذين يتطوعون بالجهاد إن شاءوا ويقعدون عنه إن أحبوا ، ولم يثبتوا في الديوان ، ولا جعل لهم رزق فهؤلاء يعطون من الصدقات من سهم سبيل الله ، ولا حق لهم في الفيء ، ولهذا تميز أهل الصدقة عن أهل الفيء وقد كان المتطوعة يسمون أعرابا ، ويسمى المقاتلة مهاجرين فتميزوا بهذين الاثنين لتميزهم في المالين ، ومنه قول الشاعر :
وإذا لزم الإمام القيام بكفايتهم فكفايتهم تختلف من خمسة أوجه :
أحدها : كثرة العيال وقلتهم الذين تلزم نفقاتهم من الأولاد والزوجات والعبيد والخدم فيثبت ذرية كل واحد منهم ، وهم من لم يبلغ من أولاده فثبت ما يحتاجون إليه في حال الفقر ثم في حال النشوء والكبر ، هذا معنى قول الشافعي : وتعطي المنقوس شيئا ، وكلما كبر يزاد على قدر مؤنته يعني أنه يعطي أباه لأجله ويزيد لكبره . ويفعل مثل ذلك في الزوجات والعبيد والخدم ليعلم بذلك قدر مؤنته .
والثاني : أن يعرف حاله هل هو من الرجالة أو الفرسان فإن كان من الفرسان عرف عدد خيله وظهره .
والثالث : أن يعرف حال بلده في قربه من المغزى وبعده ، فإنه إن بعد كثرت مؤنته وإن قرب قلت .
والرابع : أن يعرف خصب بلده وجدبه فإن المؤن في بلاد الخصب قليلة في بلاد الجدب كثيرة .
والخامس : أن يعرف غلاء السعر ورخصه ليزيده مع الغلاء ، وينقصه مع الرخص ،