پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص437

كل بلد ذوي القربى ؛ فلذلك اشترك جميع ذوي القربى في جميع الغنائم حتى لا يختص بها بعضهم دون بعض والله أعلم .

مسألة :

قال الشافعي رحمه الله : ‘ ويفرق ثلاثة أخماس الخمس على من سمى الله تعالى على اليتامى والمساكين وابن السبيل في بلاد الإسلام يحصون ثم يوزع بينهم لكل صنف منهم سهمه لا يعطى أحد منهم سهم صاحبه ‘ .

قال الماوردي : وهذا كما قال وإذ قد مضى الكلام في سهم النبي ( ص ) وسهم ذي القربى من الخمس ؛ انتقل الكلام إلى باقي السهام وهي ثلاثة أسهم لثلاثة أصناف : سهم لليتامى ، وسهم للمساكين ، وسهم لبني السبيل على ما تضمنه الآية من قوله تعالى : ( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ) [ الأنفال : 41 ] .

فأما اليتامى فهم الذين مات آباؤهم وإن بقيت أمهاتهم فيكون اليتيم بموت الآباء دون الأمهات لاختصاص الآباء بالنسب فاختصوا باليتم ، وسموا بذلك لغة لتفردهم بموت الآباء دون الأمهات كما يقال درة يتيمة لتفردها عن أن يكون لها نظير ثم يعتبر فيهم مع فقد الآباء شرطان آخران : هما الصغر والإسلام ، فأما الإسلام فيعتبر فيهم شرعا لا لغة ؛ لأن اليتيم يعم مسلمهم ومشركهم ، إنما خص الشرع بهذا السهم من كان منهم مسلما لأمرين :

أحدهما : أنه مال لله تعالى فاختص به أهل طاعته .

والثاني : أنه مال قد ملك من المشركين فكان لغيرهم لا لهم ، وأما الصغر فكان فيهم معتبرا لقوله ( ص ) : لا يتيم بعد الحلم ، لكن اختلف في هذا الشرط هل ثبت اعتباره شرعا أم لغة ، فقال بعضهم : يثبت اعتباره شرعا للخير وإلا فهو اللغة ينطلق على الصغير والكبير ، وقال آخرون بل يثبت اعتباره لغة وشرعا لأن اسم اليتيم في اللغة موضوع لمن كان متضعفا محروما ، وهذا بالصغار أخص منه بالكبار فإذا ثبت اعتبار هذه الشروط الثلاثة في اليتامى فقد اختلف أصحابنا في اعتبار شرط رابع فيهم وهو الفقر على وجهين :

أحدهما : وهو مذهب الشافعي أن الفقر شرط رابع يعتبر في استحقاقهم لهذا السهم من الخمس ، لأنه مصروف في ذوي الحاجات ، فخرج منهم الاعتبار ولأنه إرفاق لمن توجه إليه المعونة والرحمة وهم الفقراء دون الأغنياء .

والوجه الثاني : أنه لا يعتبر فيهم الفقر وأنه مستحق لغنيهم وفقيرهم لذوي القربى اعتبارا بمطلق الاسم ؛ لأنهم لو اعتبر فيهم الفقر لدخلوا في جملة المساكين ، ولما كان تخصيصهم بالذكر فائدة : فعلى الوجه الأول أن الفقر فيهم معتبر يتعلق عليه ثلاثة أحكام :

أحدها : أنه لا فرق فيهم بين من مات أبوه أو قتل لاشتراكهم في الحاجة المعتبرة فيهم .