الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص436
أحدهما : أن الميراث وسهم ذي القربى عطيتان من الله تعالى ، والوصايا عطية من آدمي تقف على خياره .
والثاني : أن في ذي القربى نصرة هي بالذكور أخص فجاز أن يكونوا بها أفضل ، وليس كذلك في الوصايا ثم لاحظ لأولاد الإناث فيه إذا لم يكن أبائهم من ذوي القربى ، لأنهم يرجعون في النسب إلى الآباء الذين ليسوا من ذوي القربى .
فإن قيل : فقد أعطى النبي ( ص ) بعضهم مائة وسق ، وبعضهم أقل .
قال الشافعي : لأن بعضهم كان ذا ولد فإذا أعطاه حظه وحظ غيره فقد أعطاه أكثر من غيره .
فإن قيل : فهلا قسم سهمهم على اجتهاد الإمام ورأيه في التسوية والتفضيل كما يقسم سهم الفقراء في الزكاة على اجتهاده ؟ قيل : لأن الفقراء يأخذون سهمهم بالحاجة التي قد تختلف فيهم فجاز أن يفضل بينهم لأجلها وسهم ذي القربى للقرابة التي قد صاروا فيها سواء فوجبت التسوية بينهم لأجلها .
وقال أبو إسحاق المروزي : يقسم سهامهم من غير كل ثغر في إقليم ذلك الثغر الذين هم بالجهاد فيه أخص ، ولا ينتقل سهمهم من غنائم ثغر المشرق إلى من كان منهم في بلاد المغرب ، لما فيه من المشقة ليحال كل فريق منهم على غنائم الثغر الذي في إقليمهم فيكون أسهل كما يحال ثغر كل بلد على ذكواته وهذا فاسد من وجهين :
أحدهما : أنه يفضي إلى إعطاء بعضهم دون بعض ، وكلا الأمرين خطأ يخالف نص الآية وخالف سهم الفقراء في الزكاة من وجهين :
أحدهما : أنه لما جاز إعطاء بعض فقراء البلد دون جميعهم لم يجز ذلك في ذوي القربى ، جاز أن يختص بها فقراء ذلك البلد بخلاف ذوي القربى .
والثاني : أنه لما نقل سهم ذي القربى وغنيمة الثغر إلى بلاد ذلك الإقليم بخلاف الزكاة وجب نقله إلى جميع الأقاليم بخلاف الزكاة .
والمعنى الذي لأجله وقع الفرق بين الزكاة والغنيمة من هذين الوجهين هو أن في كل البلاد زكوات وفقراء ، فجاز أن يحال فقراء كل بلد على زكواته وليس لكل بلد غنيمة ولا في