پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص431

فصل :

والدليل على أن سهم ذي القربى ثابت يستحق مع الغنى والفقر ، قوله تعالى : ( ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى ) [ الحشر : 7 ] فأضاف الخمس إلى خمسة أصناف بلام التمليك وجمع بينهم بواو التشريك ، فاقتضى الظاهر تساويهم بجميعهم بالأوصاف التي أضافها الله تعالى إليهم ، وهو إنما وصفهم بذي القربى فدل على استحقاقهم إياه باسم القرابة لا بالفقر وقال تعالى : ( فأتى ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ) [ الروم : 38 ] قال السدي : هم ذوي القربى من رسول الله ( ص ) من بني هاشم وبني المطلب .

وروى الشافعي عن مطرف بن مازن عن معمر بن راشد عن ابن شهاب قال : أخبرني محمد بن جبير عن أبيه قال لما قسم رسول الله ( ص ) سهم ذي القربى بين بني هاشم وبني المطلب أتيته أنا وعثمان بن عفان فقلت : يا رسول الله هؤلاء إخواننا من بني هاشم لا ننكر فضلهم لمكانك الذي وضعك الله منهم أرأيت إخواننا من بني المطلب أعطيتهم وتركتنا وإنما قرابتنا واحدة فقال رسول الله ( ص ) إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد كذا وشبك بين أصابعه ، وفي بعض الروايات لم يفترقوا في جاهلية ولا إسلام .

والدلالة في هذا الخبر من وجهين :

أحدهما : أن عثمان بن عفان وجبير كانا من أغنياء قريش ، سألاه لما أعطيت بني هاشم وبني المطلب وحرمتنا ، ونحن وهم في القرابة سواء ؟ فلم يجعل سبب المنع الغنى فدل على أن الغني فيه كالفقير .

والثاني : أنه كان في بني هاشم وبني المطلب أغنياء وفقراء وقد أعطاهم . وكان في عبد شمس أغنياء وفقراء وقد حرمهم ؛ فدل على أنه اعتبر القرابة دون الفقر .

فإن قيل : النبي ( ص ) اعتبر النصرة دون القرابة ؛ لأن هاشما والمطلب وعبد شمس ونوفل كانوا أخوة وكلهم بنو عبد مناف ، وقد خص النبي ( ص ) سهم ذي القربة بني هاشم وبني المطلب دون بني عبد شمس ونوفل وجميعهم في القرابة سواء ، لما قال في ضم بني المطلب إلى بني هاشم بأنهم شيء واحد ، ولم يفترقوا في جاهلية ولا إسلام ليعلمهم أن بني عبد شمس وبني نوفل قد خالفوهم في الجاهلية والإسلام فدل على أن العطاء إنما كان لأجل الندرة التي ميزتهم بها دون القرابة التي قد اشتركوا فيها فاختلف أصحابنا لأجل ذلك في سبب الاستحقاق على ثلاثة أوجه :

أحدهما : أن الاستحقاق بالقرابة وحدها دون النصرة ، ولأنهم ليس للنصرة فيها تأثير ، لأنه لم يذكره عثمان وجبير في طلبهما ولا ذكره النبي ( ص ) في منعهما ودفع ذلك لمن لا نصرة