الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص428
والمسألة الثانية : أن ينفذ سريتين إلى جهتين مختلفتين فتكون السريتان مشاركتين للجيش والجيش مشارك للسريتين ، وهل تكون إحدى السريتين مشاركة للأخرى أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : تكون مشاركة لها ؛ لأنها من جملة جيش واحد فصار الكل جيشا واحدا .
والوجه الثاني : أن لكل واحد من السريتين حكم نفسها لا تشارك الأخرى ولا يشاركها ؛ لأن الجيش أصل السريتين وليس إحدى السريتين أصل للأخرى .
إحداها : أن ينفذ الإمام من جملة جيشه المقيم سرية فتغنم فتختص السرية بغنيمتها ولا يشركها الجيش المقيم سواء أسرت إلى موضع قريب أو بعيد ، لأن النبي ( ص ) كان ينفذ السرايا من المدينة فلا يشركهم أهل المدينة ، ولأن الغنيمة للمجاهدين وليس المقيم مجاهدا .
والمسألة الثانية : أن ينفذ الإمام من جملة جيشه المقيم سريتين إلى وجهة واحدة في طريق واحد أو طريقتين فتكون السريتان جيشا واحدا ، أيهما غنمت شاركتها الأخرى ، ولا يشاركهما الجيش المقيم لكون غير مجاهد .
والمسألة الثالثة : أن ينفذ الإمام من جملة الجيش المقيم سريتين إلى جهتين مختلفتين وقد أفرد كل سرية منهما بقائد فإن اجتمعت السريتان على جهة واحدة فهم شركاء في غنائمها دون الجيش المقيم ، وإن انفردت كل سرية بالجهة التي أنفذت إليها لن تشاركها الأخرى في غنائمها ، ولا يشارك الجيش واحدة منها ؛ لأن كل واحدة من السريتين إذا اختصت بجهة لم تكن ردا للأخرى فصارت جيشا منفردا فلو انضم نفرا من إحدى السريتين إلى الأخرى وغنموا شاركوها في غنائمهم ، لأنهم بالانضمام إليها قد صاروا من جملتها فإذا حاز النفر سهمهم منها فهل يشاركهم فيه باقي أصحابه من السرية الأخرى أو لا ؟ على وجهين :
أحدهما : يشاركونهم فيه ، لأن جميعهم جيش واحد ؛ فعلى هذا لو كان باقي السرية غنمت شاركهم فيها النفر المنفرد عنهم .
والوجه الثاني : أن هؤلاء النفر يختصون بما أخذوا من السرية التي انضموا إليها ؛ لأنهم لما صاروا من جملتها بالانضمام إليها خرجوا من جملة سريتهم بالانفراد عنها ؛ فعلى هذا لو أن الباقين من سريتهم غنموا لم يشاركوهم كما لم يردوا عليهم والله أعلم .