الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص424
من منافع إجارته كأجير يخدم من حضر الوقعة فله الأجرة مع السهم كما يكون له الحج مع الأجرة وإن كان حضور الوقعة يمنع من منافع إجارته فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يدعوه المستأجر إلى خدمته فيأبى ويغلبه على منافع نفسه . فهذا يرد من الأجرة ما قابل مدة حضوره لئلا يجمع فيها بين بدلين وقد امتلكها في إحدى الجهتين .
والضرب الثاني : لا يدعوه المستأجر إلى خدمته ففي استحقاق الأجر وجهان :
أحدهما : لا يستحقها تعليلا بما ذكرنا .
والثاني : يستحقها ؛ لأن الأجرة في مقابلة التمكين من الخدمة ، والتمكين موجود وإن لم يقترن به الاستيفاء ، وإن كانت الإجارة تقدر على قسمها ففيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : لا يسهم له سواء أقام عليها من بعد أو فسخ .
والثاني : يسهم له سواء أقام عليها من بعد أو فسخ .
والثالث : أنه مخير بين أن يقيم على الإجارة فلا يسهم له ويعطى رضخا وتكون له الأجرة ، وبين أن يفسخ فيسهم له وتسقط الأجرة .
فإذا قيل : يسهم له فسواء قاتل أو لم يقاتل له سهمه كغيره من الجيش .
وإذا قيل لا يسهم له كان ذلك حكمه ما لم يقاتل في حضوره ، فأما إذا قاتل وأبلى فإنه يستحق على هذا القول السلب إن قتل قتيلا ، وفي استحقاقه للسهم وجهان :
أحدهما : وهو قول أكثر البصريين منهم أبو الفياض يستحق السهم لبلائه وظهور عنائه .
والوجه الثاني : وهو الظاهر من قول أبي إسحاق المروزي ، والأصح عندي أنه لا سهم له ؛ لأن من لم يستحق السهم بالحضور إذا لم يقاتل لم يستحقه وإن قاتل كأهل الرضخ طردا وأهل الجهاد عكسا .
قال الماوردي : إذا كان في أيدي المشركين أسير وأفلت منهم وقت القتال وصار إلى المسلمين ، فلا يخلو حاله من أن يختلط بالجيش أو لا يختلط فإن لم يختلط وتوجه إلى وطنه فلا حق له في الغنيمة ، وإن اختلط في الجيش فلا يخلو حاله من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يحضر قبل تقضي الحرب فهذا يسهم له قاتل أو لم يقاتل .
وقال أبو حنيفة : لا يسهم له إلا أن يقاتل ؛ لأنه ما قصد الجهاد ولا تكلف له وهذا خطأ ؛ لقوله ( ص ) : ‘ الغنيمة لمن شهد الوقعة ‘ ولأن من أسهم له إذا قاتل أسهم له ، وإن لم يقاتل كسائر الجيش ؛ ولأن ما عاناه من شدة الأسر وذله لا يجوز أن يكون سببا لحرمانه فأمانية القصد وتكلف المؤن فليس بشرط في سهم غيره فكذلك في سهمه .