الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص398
والرابع : أن يكون المقتول ممتنعا بسلامة جسمه حتى قتل ليكون في القتل كف لشره وأما إن كان قد صار بجراح قد تقدمت غير ممتنع فسلبه لمن كفه ومنعه دون من قتله ؛ لأن النبي ( ص ) أعطى سلب أبي جهل ابن عفراء دون ابن مسعود وإن كان هو القاتل ؛ لأنهما صرعاه فجرحاه وكفاه عن القتال ، وصفة الكف الذي يتعلق به استحقاق السلب أن يجتمع شرطان :
أحدهما : أن يناله من الجراح ما يعجز معه عن القتال فيصير به مكفوف الشر ، وسواء قطع أطرافه الأربعة أو بعضها أو كان الجراح في غير أطرافه ، وقد روى المزني : ‘ ولو ضربه فقد يديه أو رجليه ثم قتله آخر فإن سلبه للأول ‘ .
وروى الربيع : ‘ ولو ضربه فقطع يديه ورجليه ‘ وليس ذلك على اختلاف قولين فيما يصير به مكفوفا كما وهم فيه بعض أصحابنا ، وإنما الاعتبار فيه بأن يصير بالجراح عاجزا عن القتال صريعا .
والشرط الثاني : أن لا تطول به مدة الحياة بعد الجراح ، فيكفي شر رأيه وتدبيره فيصير باجتماع هذين الشرطين سلبه للجارح الأول دون الثاني القاتل .
وأما إن جرحه جراحة لا تطول مدة الحياة بعدها لكنه قد يقابل معه فلا سلب لجارحه ؛ لأن ما كفى شر قتاله والسلب لقاتله ولو ناله بالجراح ما كفه عن القتال وأعجزه عنه أبدا ، لكن طالت به مدة الحياة بعدة ففي سلبه قولان من قتل الشيوخ :
أحدهما : السلب لجارحه دون قاتله إذا قيل إن الشيوخ والرهبان لا يقتلون .
والثاني : لقاتله دون جارحه إذا قيل يقتلون ، فهذه الشروط التي ذكرنا يستحق السلب بها ، وقال داود وأبو ثور : ‘ من قتل قتيلا فله سلبه ‘ وهذا خطأ ؛ لأن النبي ( ص ) أعطى سلب أبي جهل لابن عفراء دون ابن مسعود ، وإن كان قاتلا ، وقيل : إنه تقلد منه سيفه وحده .
قال الماوردي : وهذا صحيح إذا كان السلب مستحقا بالقتل الذي وصفناه انتقل الكلام فيه إلى ثلاثة فصول :
أحدها : فيمن يستحق السلب من القاتلين .
الثاني : فيمن يستحق سلبه عن المقتولين .
والثالث : فيما يكون سلبا مستحقا بالقتل .
فأما الفصل الأول وهو : القاتل الذي يستحق السلب فهو كل ذي سهم في الغنيمة من فارس وراجل فله سلب قتيله .
فأما من لا سهم له في الغنيمة فضربان :