الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص394
فاجتمعنا عند رسول الله ( ص ) فقصصت عليه قصة اليمني فقال رسول الله ( ص ) : يا خالد اردده عليه ، قال عوف : فقلت يا خالد ألم أقل لك ؟ فقال رسول الله ( ص ) وما ذاك فأخبرته فغضب وقال : ‘ يا خالد لا ترده عليه ، هل أنتم تاركون لي أمرائي ؟ لكم صفوة أمرهم وعليهم كدره ‘ .
قال أصحاب أبي حنيفة : فلو استحقه القاتل لما استجاز أن يمنعه منه لغضب ولا غيره ، قالوا : وقد روي أن معاذ بن عوف ومعاذ بن عمرو قتلا أبا جهل يوم بدر فأعطى النبي ( ص ) سلبه معاذ بن عمرو ، فلو كان للقاتل ما خص به أحدهما .
واستدلوا من طريق القياس بأن قالوا : كل مال يستحق بالتحريض على القتال يجب أن يتعلق استحقاقه بشرط الإمام كالنفل ، ولأن السلب لو استحق بالقتل لوجب إذا قتل موليا أو رماه من صفة بسهم فقتله أن يستحق سلبه ، فلما ثبت أنه لا يستحقه مع وجود القتل ثبت أنه لا يستحق بالقتل ، ولأن السلب لو صار بالقتل ملكا للقاتل لوجب إذا وجد قتيلا عليه سلب لا يعرف قاتله أن لا يغنم به ؛ لأنه قد صار ملكا لمسلم لا يعرف ، وفي إجماعهم على قسمة في الغنيمة دليل على أنه غير مستحق بالقتل .
ودليلنا ما رواه أبو مالك الأشجعي عن نعيم بن أبي هند عن سمرة بن جندب قال رسول الله ( ص ) : ‘ من قتل قتيلا فله سلبه ‘ وروى أنس بن مالك أن النبي ( ص ) قال يوم خيبر : ‘ من قتل كافرا فله سلبه ‘ فقتل أبو طلحة الأنصاري يومئذ عشرين كافرا فأخذ أسلابهم .
ووجه الدليل من هذا الخبر : أنه ابتداء شرع بين فيه فاستحق به السلب وهو القتل ، واعتمد الشافعي على ما رواه عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمر بن كثير عن أبي محمد مولى أبي قتادة قال خرجنا مع رسول الله ( ص ) عام حنين ، فلما التقينا كانت للمسلمين جولة قال : فرأيت رجلا من المشركين قد علا رجلا من المسلمين فاستدرت له حتى أتيته من ورائه قال : فضربته على حبل عاتقه ضربة ، فأقبل علي فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت ، ثم أدركه الموت ، فأرسلني ، فلحقت عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقلت له : ما بال الناس ؟ فقال أمر الله ، ثم إن الناس رجعوا فقال رسول الله ( ص ) : ‘ من قتل قتيلا فله سلبه ‘ فقمت فقلت من يشهد لي ؟ فجلست ثم قال رسول الله ( ص ) : ‘ من قتل قتيلا عليه بينة فله سلبه ‘ فقمت وقلت من يشهد لي ؟ فجلست ثم قال رسول الله ( ص ) : ‘ من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه ‘ فقمت ثم قال رسول الله ( ص ) ‘ ما لك يا أبا قتادة فاقتصصت عليه القصة ، فقال